وضمير (فَوْقَهُمْ) يعود إلى (الْمَلَكُ).
ويتعلق (فَوْقَهُمْ) ب (يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ) وهو تأكيد لما دل عليه يحمل من كون العرش عاليا فهو بمنزلة القيدين في قوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) [الأنعام : ٣٨].
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وإضافة عرش إلى الله إضافة تشريف مثل إضافة الكعبة إليه في قوله : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) الآية [الحج : ٢٦] ، والله منزه عن الجلوس على العرش وعن السكنى في بيت.
والخطاب في قوله : (تُعْرَضُونَ) لجميع الناس بقرينة المقام وما بعد ذلك من التفصيل.
والعرض : أصله إمرار الأشياء على من يريد التأمل منها مثل عرض السلعة على المشتري وعرض الجيش على أميره ، وأطلق هنا كناية عن لازمه وهو المحاسبة مع جواز إرادة المعنى الصريح.
ومعنى (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) : لا تخفى على الله ولا على ملائكته. وتأنيث (خافِيَةٌ) لأنه وصف لموصوف مؤنث يقدر بالفعلة من أفعال العباد ، أو يقدر بنفس ، أي لا تختبئ من الحساب نفس أي أحد ، ولا يلتبس كافر بمؤمن ، ولا بارّ بفاجر.
وجملة (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) مستأنفة ، أو هي بيان لجملة (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ، أو بدل اشتمال منها.
و (مِنْكُمْ) صفة ل (خافِيَةٌ) قدمت عليه فتكون حالا.
وتكرير (يَوْمَئِذٍ) أربع مرات لتهويل ذلك اليوم الذي مبدؤه النفخ في الصور ثم يعقبه ما بعده مما ذكر في الجمل بعده ، فقد جرى ذكر ذلك اليوم خمس مرات لأن (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) تكرير ل (إذا) من قوله : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) إذ تقدير المضاف إليه في (يَوْمَئِذٍ) هو مدلول جملة (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) ، فقد ذكر زمان النفخ أولا وتكرر ذكره بعد ذلك أربع مرات.
وقرأ الجمهور (لا تَخْفى) بمثناة فوقية. وقرأه حمزة والكسائي وخلف بالتحتية لأن تأنيث (خافِيَةٌ) غير حقيقي ، مع وقوع الفصل بين الفعل وفاعله.