وجملة (كُلُوا وَاشْرَبُوا) إلى آخرها مقول قول محذوف وهو ومقوله في موضع صفة ل (جَنَّةٍ) إذ التقدير : يقال للفريق الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم حين يستقرون في الجنة : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) إلخ.
ويجوز أن تكون الجملة خبرا ثانيا عن الضمير في قوله : (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ).
وإنما أفردت ضمائر الفريق الذي أوتي كتابه بيمينه فيما تقدم ثم جاء الضمير ضمير جمع عند حكاية خطابهم لأن هذه الضمائر السابقة حكيت معها أفعال مما يتلبس بكل فرد من الفريق عند إتمام حسابه. وأما ضمير (كُلُوا وَاشْرَبُوا) فهو خطاب لجميع الفريق بعد حلولهم في الجنة ، كما يدخل الضيوف إلى المأدبة فيحيّا كل داخل منهم بكلام يخصه فإذا استقروا أقبل عليهم مضيّفهم بعبارات الإكرام.
و (هَنِيئاً) يجوز أن يكون فعيلا بمعنى فاعل إذا ثبت له الهناء فيكون منصوبا على النيابة عن المفعول المطلق لأنه وصفه وإسناد الهناء للأكل والشرب مجاز عقلي لأنهما متلبسان بالهناء للآكل والشارب.
ويجوز أن يكون اسم فاعل من غير الثلاثي بوزن ما للثلاثي. والتقدير : مهنّئا ، أي سبب هناء ، كما قال عمرو بن معد يكرب :
أمن ريحانة الداعي السميع
أي المسمع ، وكما وصف الله تعالى بالحكيم بمعنى الحكم المصنوعات ، ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول ، أي مهنيئا به.
وعلى الاحتمالات كلها فإفراد (هَنِيئاً) في حال أنه وصف لشيئين بناء على أن فعيلا بمعنى فاعل لا يطابق موصوفه أو على أنه إذا كان صفة لمصدر فهو نائب عن موصوفه ، والوصف بالمصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
و (بِما أَسْلَفْتُمْ) في موضع الحال من ضمير (كُلُوا وَاشْرَبُوا).
والباء للسببية.
وما صدق (ما) الموصولة هو العمل ، أي الصالح.
والإسلاف : جعل الشيء سلفا ، أي سابقا.