والسماوات : هنا هي مدارات بمعنى الكواكب فإن لكل كوكب مدارا قد يكون هو سماءه.
وقوله : (سَبْعَ سَماواتٍ) يجوز أن يكون وصف (سَبْعَ) معلوما للمخاطبين من قوم نوح ، أو من أمة الدعوة الإسلامية بأن يكونوا علموا ذلك من قبل ؛ فيكون مما شمله فعل (أَلَمْ تَرَوْا). ويجوز أن يكون تعليما للمخاطبين على طريقة الإدماج ، ولعلهم كانوا سلفا للكلدانيين في ذلك.
و (طِباقاً) : بعضها أعلى من بعض ، وذلك يقتضي أنها منفصل بعضها عن بعض وأن بعضها أعلى من بعض سواء كانت متماسّة أو كان بينها ما يسمى بالخلاء.
وقوله : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) صالح لاعتبار القمر من السماوات ، أي الكواكب على الاصطلاح القديم المبني على المشاهدة ، لأن ظرفية (في) تكون لوقوع المحوي في حاوية مثل الوعاء ، وتكون لوقوع الشيء بين جماعته ، كما في حديث الشفاعة «وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها» ، وقول النميري :
تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت |
|
به زينب في نسوة خفرات |
و (الْقَمَرَ) كائن في السماء المماسة للأرض وهي المسماة بالسماء الدنيا ، والله أعلم بأبعادها.
وقوله : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) هو بتقدير : وجعل الشمس فيهن سراجا ، والشمس من الكواكب.
والإخبار عن القمر بأنه نور مبالغة في وصفه بالإنارة بمنزلة الوصف بالمصدر. والقمر ينير ضوؤه الأرض إنارة مفيدة بخلاف غيره من نجوم الليل فإن إنارتها لا تجدي البشر.
والسراج : المصباح الزاهر نوره الذي يوقد بفتيلة في الزيت يضيء التهابها المعدّل بمقدار بقاء مادة الزيت تغمرها.
والإخبار به عن الشمس من التشبيه البليغ وهو تشبيه ، والقصد منه تقريب المشبه من إدراك السامع ، فإن السراج كان أقصى ما يستضاء به في الليل وقلّ من العرب من يتخذه وإنما كانوا يرونه في أديرة الرهبان أو قصور الملوك وأضرابهم ، قال امرؤ القيس :
يضي سناه أو مصابيح راهب |
|
أمال الذّبال بالسليط المفتل |