والكلام على السماء الدنيا ولما ذا وصفت بالدنيا وعن الكواكب تقدم في أول سورة الصافات.
وسميت النّجوم هنا مصابيح على التشبيه في حسن المنظر فهو تشبيه بليغ.
وذكر التزيين إدماج للامتنان في أثناء الاستدلال ، أي زيّناها لكم مثل الامتنان في قوله : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) في سورة النحل [٦].
والمقصد : التخلص إلى ذكر رجم الشياطين ليتخلص منه إلى وعيدهم ووعيد متبعيهم.
وعدل عن تعريف (مصابيح) باللام إلى تنكيره لما يفيده التنكير من التعظيم.
والرجوم : جمع رجم وهو اسم لما يرجم به ، أي ما يرمي به الرامي من حجر ونحوه تسمية للمفعول بالمصدر مثل الخلق بمعنى المخلوق في قوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ) [لقمان : ١١].
والذي جعل رجوما للشياطين هو بعض النجوم التي تبدو مضيئة ثم تلوح منقضّة ، وتسمى الشهب ومضى القول عليها في سورة الصافات.
وضمير الغائبة في (جَعَلْناها) المتبادر أنه عائد إلى المصابيح ، أي أن المصابيح رجوم للشياطين.
ومعنى جعل المصابيح رجوما جار على طريقة إسناد عمل بعض الشيء إلى جميعه مثل إسناد الأعمال إلى القبائل لأن العاملين من أفراد القبيلة كقوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ٨٥] وقول العرب : قتلت هذيل رضيع بني ليث تمّام بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
وجعل بعض المفسرين الضمير المنصوب في (جَعَلْناها) عائد إلى (السَّماءَ الدُّنْيا) على تقدير : وجعلنا منها رجوما إما على حذف حرف الجر. وإمّا على تنزيل المكان الذي صدر منه الرجوم منزلة نفس الرجوم فهو مجاز عقلي ومنه قوله تعالى : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) في سورة البقرة [٦٦] ولكنها على جعل الضمير المنصوب راجعا إلى القرية وإن لم تذكر في تلك الآية ولكنها ذكرت في آية سورة الأعراف [١٦٣]