وضمير (أَنَّهُ) ضمير الشأن وجملة (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) إلى آخرها خبره.
وضمير (كادُوا يَكُونُونَ) عائدان إلى المشركين المنبئ عنهم المقام غيبة وخطابا ابتداء من قوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) [الجن : ١٦] إلى قوله : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) [الجن : ١٨].
و (عَبْدُ اللهِ) هو محمد صلىاللهعليهوسلم. وضع الاسم الظاهر موضع المضمر إذ مقتضى الظاهر أن يقال : وأنه لما قمت تدعو الله كادوا يكونون عليك ، أو لما قمت أدعو الله ، كادوا يكونون عليّ. ولكن عدل إلى الاسم الظاهر لقصد تكريم النبي صلىاللهعليهوسلم بوصف (عَبْدُ اللهِ) لما في هذه الإضافة من التشريف مع وصف (عَبْدُ) كما تقدم غير مرة منها عند قوله : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) [الإسراء : ١].
و (لِبَداً) بكسر اللام وفتح الموحدة اسم جمع : لبدة ، وهي ما تلبد بعضه على بعض ، ومنه لبدة الأسد للشعر المتراكم في رقبته.
والكلام على التشبيه ، أي كاد المشركون يكونون مثل اللبد متراصين مقتربين منه يستمعون قراءته ودعوته إلى توحيد الله. وهو التفاف غيظ وغضب وهم بالأذى كما يقال : تألبوا عليه.
ومعنى (قامَ) : اجتهد في الدعوة إلى الله ، كقوله تعالى : (إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في سورة الكهف [١٤] ، وقال النابغة :
بأن حصنا وحيّا من بني أسد |
|
قاموا فقالوا حمانا غير مقروب |
وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) في أول سورة البقرة [٣].
ومعنى قيام النبي صلىاللهعليهوسلم إعلانه بالدعوة وظهور دعوته قال جزء بن كليب الفقعسي :
فلا تبغينها يا بن كوز فإنه |
|
غذا الناس مذ قام النبي الجواريا |
أي قام يعبد الله وحده ، كما دل عليه بيانه بقوله بعده : (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) ، فهم لما لم يعتادوا دعاء غير الأصنام تجمعوا لهذا الحدث العظيم عليهم وهو دعاء محمد صلىاللهعليهوسلم لله تعالى.
وجملة (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) بيان لجملة (يَدْعُوهُ).
وقرأ الجمهور قال بصيغة الماضي. وقرأه حمزة وعاصم وأبو جعفر (قُلْ) بدون