بمرتبتين لأن ذلك اليوم زمن الأهوال التي تشيب لمثلها الأطفال ، والأهوال سبب للشيب عرفا.
والشيب كناية عن هذا الهول فاجتمع في الآية مجازان عقليان وكناية ومبالغة في قوله : (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً).
وجملة (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) صفة ثانية.
والباء بمعنى (في) وهو ارتقاء في وصف اليوم بحدوث الأهوال فيه فإن انفطار السماء أشد هو لا ورعبا مما كني عنه بجملة (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً). أي السماء على عظمها وسمكها تنفطر لذلك اليوم فما ظنكم بأنفسكم وأمثالكم من الخلائق فيه.
والانفطار : التشقق الذي يحدث في السماء لنزول الملائكة وصعودهم كما تقدم في قوله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) في سورة المعارج [٤].
وذكر انفطار السماء في ذلك اليوم زيادة في تهويل أحواله لأن ذلك يزيد المهددين رعبا وإن لم يكن انفطار السماء من آثار أعمالهم ولا له أثر في زيادة نكالهم.
ويجوز أن تجعل جملة (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) مستأنفة معترضة بين جملة (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ) إلخ ، وجملة (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) والباء للسببية ويكون الضمير المجرور بالباء عائدا إلى الكفر المأخوذ من فعل (كَفَرْتُمْ).
ويجوز أن يكون الإخبار بانفطار السماء على طريقة التشبيه البليغ ، أي كالمنفطر به فيكون المعنى كقوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [مريم : ٨٨ ـ ٩٠].
ووصف السماء بمنفطر بصيغة التذكير مع أن السماء في اللغة من الأسماء المعتبرة مؤنثة في الشائع. قال الفراء : السماء تذكّر على التأويل بالسقف لأن أصل تسميتها سماء على التشبيه بالسقف ، أي والسقف مذكر والسماء مؤنث. وتبعه الجوهري وابن برّي.
وأنشد الجوهري على ذلك قول الشاعر :
فلو رفع السماء إليه قوما |
|
لحقنا بالسماء مع السحاب |
وأنشد ابن برّي أيضا في تذكير السماء بمعنى السقف قول الآخر :
وقالت سماء البيت فوقك مخلق |
|
ولمّا تيسّر اجتلاء الركائب |