ويعاملهم ، وأما الله فغاضب عليهم ولا عنهم. وهذا وجه العدول عن أن يقول : إنّ الله يعلم أنكم تقومون. إلى قوله : (أَنَّكَ تَقُومُ) ثم قوله : (وَطائِفَةٌ) إلخ.
ووصف (طائِفَةٌ) بأنهم (من الذين معه) ، فإن كان المراد بالمعية المعية الحقيقية ، أي المصاحبة في عمل مما سيق له الكلام. أي المصاحبين لك في قيام الليل ، لم يكن في تفسيره تعيين لناس بأعيانهم ، ففي حديث عائشة في «صحيح البخاري» «أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم صلّى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلّا أني خشيت أن تفرض عليكم ، وذلك في رمضان».
وإن كانت المعية معية مجازية وهي الانتساب والصحبة والموافقة فقد عددنا منهم : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمرو ، وسلمان الفارسي وأبا الدرداء ، وزينب بنت جحش ، وعبد الله بن عمر ، والحولاء بنت تويت الأسدية ، فهؤلاء ورد ذكرهم مفرقا في أحاديث التهجد من «صحيح البخاري».
واعلم أن صدر هذه الآية إيماء إلى الثناء على النبي صلىاللهعليهوسلم في وفائه بقيام الليل حق الوفاء وعلى الطائفة الذين تابعوه في ذلك.
فالخبر بأن الله يعلم أنك تقوم مراد به الكناية عن الرضى عنهم فيما فعلوا.
والمقصود : التمهيد لقوله : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) إلى آخر الآية.
ولأجل هذا الاعتبار أعيد فعل (عَلِمَ) في جملة (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) إلخ ولم يقل : وأن سيكون منكم مرضى بالعطف.
وجملة (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) معترضة بين جملتي (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) وجملة (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) وقد علمت مناسبة اعتراضها آنفا.
وجملة (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) يجوز أن تكون خبرا ثانيا عن (إِنَ) بعد الخبر في قوله : (يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) إلخ.
ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا لما ينشأ عن جملة (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) من