يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه «إن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجئت منه رعبا فأتيت خديجة فقلت : دثّروني فدثروني زاد غير ابن شهاب من روايته «وصبّوا عليّ ماء باردا فدثّروني وصبّوا عليّ ماء باردا». قال النووي : صب الماء لتسكين الفزع. فأنزل الله (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) إلى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر : ١ ـ ٥] ثم حمي الوحي وتتابع ا ه.
ووقع في «صحيح مسلم» عن جابر : أنها أول القرآن ، سورة المدثر وهو الذي يقول في حديثه أن رسول الله يحدث عن فترة الوحي وإنما تقع الفترة بين شيئين فتقتضي وحيا نزل قبل سورة المدثر وهو ما بين في حديث عائشة.
وقد تقدم في صدر سورة المزمل قول جابر بن زيد : أن سورة القلم نزلت بعد سورة العلق وأن سورة المزمل ثالثة وأن سورة المدثر أربعة.
وقال جابر بن زيد : نزلت بعد المدثر سورة الفاتحة. ولا شك أن سورة المدثر نزلت قبل المزمل وأن عناد المشركين كان قد تزايد بعد نزول سورة المدثر فكان التعرض لهم في سورة المزمل أوسع.
وقد وقع في حديث جابر بن عبد الله في «صحيح البخاري» و «جامع الترمذي» من طريق ابن شهاب أن نزول هذه السورة كان قبل أن تفرض الصلاة.
والصلاة فرضت بعد فترة الوحي سواء كانت خمسا أو أقل وسواء كانت واجبة كما هو ظاهر قولهم : فرضت ، أم كانت مفروضة بمعنى مشروعة وفترة الوحي مختلف في مدتها اختلافا كثيرا فقيل : كانت سنتين ونصفا ، وقيل : أربعين يوما ، وقيل : خمسة عشر يوما ، والأصح أنها كانت أربعين يوما. فيظهر أن المدثر نزلت في السنة الأولى من البعثة وأن الصلاة فرضت عقب ذلك كما يشعر به ترتيب ابن إسحاق في سوق حوادث سيرته.
وعدّ أهل المدينة في عدهم الأخير الذي أرسوا عليه وأهل الشام آيها خمسا وخمسين وعدّها أهل البصرة والكوفة وأهل المدينة في عدهم الأول الذي رجعوا عنه ستا وخمسين.