فقوله نقر ، أي صوّت ، أي صوّت مصوّت. وتقدم ذكر الصور في سورة الحاقة.
و (إذا) اسم زمان أضيف إلى جملة (نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) وهو ظرف وعامله ما دل عليه قوله : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) لأنه في قوة فعل ، أي عسر الأمر على الكافرين.
وفاء (فَذلِكَ) لجزاء (إذا) لأن (إذا) يتضمن معنى شرط.
والإشارة إلى مدلول (إذا نقر) ، أي فلذلك الوقت يوم عسير.
و (يَوْمَئِذٍ) بدل من اسم الإشارة وقع لبيان اسم الإشارة على نحو ما يبين بالاسم المعروف ب «أل» في نحو (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢].
ووصف اليوم بالعسير باعتبار ما يحصل فيه من العسر على الحاضرين فيه ، فهو وصف مجازي عقلي. وإنما العسير ما يقع فيه من الأحداث.
و (عَلَى الْكافِرِينَ) متعلق ب (عَسِيرٌ).
ووصف اليوم ونحوه من أسماء الزمان بصفات أحداثه مشهور في كلامهم ، قال السموأل ، أو الحارثي :
وأيّامنا مشهورة في عدوّنا |
|
لها غرر معلومة وحجول |
وإنما الغرر والحجول مستعارة لصفات لقائهم العدوّ في أيامهم ، وفي المقامة الثلاثين «لا عقد هذا العقد المبجّل ، في هذا اليوم الأغر المحجل ، إلّا الذي جال وجاب ، وشب في الكدية وشاب» وقال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) في سورة فصلت [١٦].
و (غَيْرُ يَسِيرٍ) تأكيد لمعنى (عَسِيرٌ) بمرادفه. وهذا من غرائب الاستعمال كما يقال : عاجلا غير آجل ، قال طالب بن أبي طالب :
فليكن المغلوب غير الغالب |
|
وليكن المسلوب غير السّالب |
وعليه من غير التأكيد قوله تعالى : (قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) [الأنعام : ١٤٠] (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [الأنعام : ٥٦]. وأشار الزمخشري إلى أن فائدة هذا التأكيد ما يشعر به لفظ (غَيْرُ) من المغايرة فيكون تعريضا بأن له حالة أخرى ، وهي اليسر ، أي على المؤمنين ، ليجمع بين وعيد الكافرين وإغاظتهم ، وبشارة المؤمنين.