و (ما) الثانية استفهامية في محل رفع خبر عن (سَقَرُ).
وجملة (لا تُبْقِي) بدل اشتمال من التهويل الذي أفادته جملة (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ) ، فإن من أهوالها أنها تهلك كل من يصلاها. والجملة خبر ثان عن سقر.
وحذف مفعول (تُبْقِي) لقصد العموم ، أي لا تبقي منهم أحدا أو لا تبقي من أجزائهم شيئا.
وجملة (وَلا تَذَرُ) عطف على (لا تُبْقِي) فهي في معنى الحال ، ومعنى (لا تَذَرُ) ، أي لا تترك من يلقى فيها ، أي لا تتركه غير مصلي بعذابها. وهذه كناية عن إعادة حياته بعد إهلاكه كما قال تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) [النساء : ٥٦].
و (لَوَّاحَةٌ) : خبر ثالث عن (سَقَرُ). و (لَوَّاحَةٌ) فعّالة ، من اللّوح وهو تغيير الذات من ألم ونحوه ، وقال الشاعر ، وهو من شواهد «الكشاف» ولم أقف على قائله :
تقول ما لاحك يا مسافر |
|
يا ابنة عمي لا حني الهواجر |
والبشر : يكون جمع بشرة ، وهي جلد الإنسان ، أي تغير ألوان الجلود فتجعلها سودا ، ويكون اسم جمع للناس لا واحد له من لفظه.
وقوله : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) خبر رابع عن (سَقَرُ) من قوله : (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ).
ومعنى (عَلَيْها) على حراستها ، ف (على) للاستعلاء المجازي بتشبيه التصرف والولاية بالاستعلاء كما يقال : فلان على الشرطة ، أو على بيت المال ، أي يلي ذلك والمعنى : أن خزنة سقر تسعة عشر ملكا.
وقال جمع : إن عدد تسعة عشر : هم نقباء الملائكة الموكلين بجهنم.
وقيل : تسعة عشر صنفا من الملائكة وقيل تسعة عشر صفّا. وفي «تفسير الفخر»: ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوها : أحدها قول أهل الحكمة : إن سبب فساد النفس هو القوى الحيوانية والطبيعية أما الحيوانية فهي الخمس الظاهرة والخمس الباطنة ، والشهوة والغضب ، فمجموعها اثنتا عشرة. وأما القوى الطبيعية فهي : الجاذبة ، والماسكة ، والهاضمة ، والدافعة ، والغاذية ، والنامية ، والمولّدة ، فهذه سبعة ، فتلك تسع عشرة. فلما كان منشأ الآفات هو هذه التسع عشرة كان عدد الزبانية كذلك ا ه.
والذي أراه أن الملائكة التسعة عشر موزّعون على دركات سقر أو جهنم لكل درك