وظاهر هذا أنه كلام منصف وليس بخصوص تهديد أهل الشر.
و (رَهِينَةٌ) : مصدر بوزن فعيلة كالشّتيمة فهو من المصادر المقترنة بهاء كهاء التأنيث مثل الفعولة والفعالة ، وليس هو من باب فعيل الذي هو وصف بمعنى المفعول مثيل قتيلة ، إذ لو قصد الوصف لقيل رعين لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا جرى على موصوفه كما هنا ، والإخبار بالمصدر للمبالغة على حد قول مسور بن زيادة الحارثي :
أبعد الذي بالنّعف نعف كويكب |
|
رهينة رمس ذي تراب وجندل |
ألا تراه أثبت الهاء في صفة المذكر وإلّا لما كان موجب للتأنيث.
والاستثناء في قوله : (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) استثناء منقطع.
و (أَصْحابَ الْيَمِينِ) : هم أهل الخير جعلت علاماتهم في الحشر بجهات اليمين في مناولة الصحف وفي موقف الحساب وغير ذلك. فاليمين هو جهة أهل الكرامة في الاعتبار كجهة يمين العرش أو يمين مكان القدس يوم الحشر لا يحيط بها وصفنا وجعلت علامة أهل الشر الشمال في تناول صحف أعمالهم وفي مواقفهم وغير ذلك.
وقوله : (فِي جَنَّاتٍ) يجوز أن يكون متعلقا بقوله : (يَتَساءَلُونَ) قدّم للاهتمام ، و (يَتَساءَلُونَ) حال من (أَصْحابَ الْيَمِينِ) وهو مناط التفصيل الذي جيء لأجله بالاستثناء المنقطع.
ويجوز أن يكون (فِي جَنَّاتٍ) خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم في جنات. والجملة استئناف بياني لمضمون جملة الاستثناء ويكون (يَتَساءَلُونَ) حالا من الضمير المحذوف.
ومعنى (يَتَساءَلُونَ) يجوز أن يكون على ظاهر صيغة التفاعل للدلالة على صدور الفعل من جانبين ، أي يسأل أصحاب اليمين بعضهم بعضا عن شأن المجرمين ، وتكون جملة (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) بيانا لجملة (يَتَساءَلُونَ). وضمير الخطاب في قوله : (سَلَكَكُمْ) يؤذن بمحذوف والتقدير : فيسألون المجرمين ما سلككم في سقر ، وليس التفاتا ، أو يقول بعض المسئولين لأصحابهم جوابا لسائليهم قلنا لهم : ما سلككم في سقر.
ويجوز أن يكون صيغة التفاعل مستعملة في معنى تكرير الفعل أي يكثر سؤال كل أحد منهم سؤالا متكررا أو هو من تعدد السؤال لأجل تعدد السائلين.