الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأن أصل أسباب الشقاء الإشراك بالله وتكذيب الرسول صلىاللهعليهوسلم ونبذ ما جاء به. وقد تضمن صدر هذه السورة ما ينبئ بذلك كقوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) [القيامة : ٣] وقوله : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) [القيامة : ٥].
وتنكير (وُجُوهٌ) للتنويع والتقسيم كقوله تعالى : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى : ٧] وقول الشاعر وهو من أبيات «كتاب الآداب» ولم يعزه ولا عزاه صاحب «العباب» في شرحه :
فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر |
وقول أبي الطيب :
فيوما بخيل تطرد الروم عنهم |
|
ويوم بجود تطرد الفقر والجدبا |
فالوجوه الناضرة الموصوفة بالنضرة (بفتح النون وسكون الضاد) وهي حسن الوجه من أثر النعمة والفرح ، وفعله كنصر وكرم وفرح ، ولذلك يقال : ناضر ونضير ونضر ، وكني بنضرة الوجوه عن فرح أصحابها ونعيمهم ، قال تعالى في أهل السعادة (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين : ٢٤] لأن ما يحصل في النفس من الانفعالات يظهر أثره.
وأخبر عنها خبرا ثانيا بقوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وظاهر لفظ (ناظِرَةٌ) أنه من نظر بمعنى : عاين ببصره إعلانا بتشريف تلك الوجوه أنها تنظر إلى جانب الله تعالى نظرا خاصا لا يشاركها فيه من يكون دون رتبهم ، فهذا معنى الآية بإجماله ثابت بظاهر القرآن وقد أيدتها الأخبار الصحيحة عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة «أن أناسا قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال : هل تضارّون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟ قلنا : لا ، قال : فإنكم لا تضارّون في رؤية ربكم يومئذ إلّا كما تضارون في رؤيتهما».
وفي رواية «فإنكم ترونه كذلك»وساق الحديث في الشفاعة.
وروى البخاري عن جرير بن عبد الله قال : «كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته» وربما قال : «سترون ربكم عيانا».