صَدَّقَ) بقوله : (كَذَّبَ) ، وثانيهما زيادة بيان معنى (فَلا صَدَّقَ) بأنه تولّى عمدا لأنّ عدم التصديق له أحوال ، ونظيره في غير الاستدراك قوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة : ٣٤].
والتكذيب : تكذيبه بالبعث وبالقرآن وبرسالة محمد صلىاللهعليهوسلم.
والتولي : الإعراض عن دعوته إلى النظر والتدبر في القرآن.
وفاعل (صَدَّقَ) والأفعال المذكورة بعده ضمائر عائدة على الإنسان المتقدم ذكره.
و (يَتَمَطَّى) : يمشي المطيطاء (بضم الميم وفتح الطاء بعدها ياء ثم طاء مقصورة وممدودة) وهي التبختر.
وأصل (يَتَمَطَّى) : يتمطط ، أي يتمدد لأن المتبختر يمدّ خطاه وهي مشية المعجب بنفسه. وهنا انتهى وصف الإنسان المكذب.
والمعنى : أنه أهمل الاستعداد للآخرة ولم يعبأ بدعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم وذهب إلى أهله مزدهيا بنفسه غير مفكر في مصيره.
قال ابن عطية : قال جمهور المتأولين : هذه الآية كلها من قوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) نزلت في أبي جهل بن هشام ، قال : ثم كادت هذه الآية تصرح به في قوله تعالى : (يَتَمَطَّى) فإنها كانت مشية بني مخزوم وكان أبو جهل يكثر منها ا ه. وفيه نظر سيأتي قريبا.
فقوله : (أَوْلى لَكَ) وعيد ، وهي كلمة توعّد تجري مجرى المثل في لزوم هذا اللفظ لكن تلحقه علامات الخطاب والغيبة والتكلم ، والمراد به ما يراد بقولهم : ويل لك ، من دعاء على المجرور باللام بعدها ، أي دعاء بأن يكون المكروه أدنى شيء منه.
(فَأَوْلى) : اسم تفضيل من ولي ، وفاعله ضمير محذوف عائد على مقدر معلوم في العرف ، فيقدره كل سامع بما يدل على المكروه ، قال الأصمعي : معناه : قاربك ما تكره ، قالت الخنساء :
هممت بنفسي كلّ الهموم |
|
فأولى لنفسي أولى لها |
وكان القانص إذا أفلته الصيد يخاطب الصيد بقوله : (أَوْلى لَكَ) وقد قيل : إن منه قوله تعالى : (فَأَوْلى لَهُمْ) من قوله : (فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) في سورة