على ما فعلوا من خير.
وأدمج في ذلك قوله : (بِما صَبَرُوا) الجامع لأحوال التقوى والعمل الصالح كله لأن جميعه لا يخلو عن تحمل النفس لترك محبوب أو فعل ما فيه كلفة ، ومن ذلك إطعام الطعام على حبه.
و (لَقَّاهُمْ) معناه : جعلهم يلقون نضرة وسرورا ، أي جعل لهم نضرة وهي حسن البشرة ، وذلك يحصل من فرح النفس ورفاهية العيش قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) [القيامة : ٢٢] فمثل إلقاء النضرة على وجوههم بزجّ أحد إلى لقاء أحد على طريقة التمثيل.
وضمير الغائبة و (نَضْرَةً) مفعولا (لقى) من باب كسا.
وبين (وقاهم) و (لَقَّاهُمْ) الجناس المحرّف.
وجملة (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) ، عطف على جملة (فَوَقاهُمُ) وجملة (وَلَقَّاهُمْ) لتماثل الجمل الثلاث في الفعلية والمضيّ وهما محسنان من محسنات الوصل.
والحرير : اسم لخيوط من مفرزات دودة مخصوصة ، وتقدم الكلام عليه في سورة فاطر.
وكان الجزاء برفاهية العيش إذ جعلهم في أحسن المساكن وهو الجنة ، وكساهم أحسن الملابس وهو الحرير الذي لا يلبسه إلّا أهل فرط اليسار ، فجمع لهم حسن الظرف الخارج وحسن الظرف المباشر وهو اللباس.
والمراد بالحرير هنا : ما ينسج منه.
و (مُتَّكِئِينَ) : حال من ضمير الجمع في (جَزاهُمْ) ، أي هم في الجنة متكئون على الأرائك.
والاتكاء : جلسة بين الجلوس والاضطجاع يستند فيها الجالس على مرفقه وجنبه ويمد رجليه وهي جلسة ارتياح ، وكانت من شعار الملوك وأهل البذخ ، ولهذا قال النبيصلىاللهعليهوسلم : «أمّا أنا فلا آكل متكئا» وتقدم ذلك في سورة يوسف [٣١] عند قوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً).
و (الْأَرائِكِ) : جمع أريكة بوزن سفينة. والأريكة : سرير عليه وسادة معها ستر وهو حجلته ، والحجلة بفتحتين وبتقديم الحاء المهملة على الجيم : كلّة تنصب فوق السرير لتقي