وتنوين الأول لمراعاة الكلمات الواقعة في الفواصل السابقة واللاحقة من قوله (كافُوراً) [الإنسان : ٥] إلى قوله (تَقْدِيراً) وتنوين الثاني للمزاوجة مع نظيره وهؤلاء وقفوا عليهما بالألف مثل أخواتهما وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً) [الإنسان : ٤].
وقرأ ابن كثير وخلف ورويس عن يعقوب قواريرا الأول بالتنوين ووقفوا عليه بالألف وهو جار على التوجيه الذي وجهنا به قراءة نافع والكسائي. وقرأ (قَوارِيرَا) الثاني بغير تنوين على الأصل ولم تراع المزاوجة ووقفا عليه بالسكون.
وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وحمزة وحفص عن عاصم بترك التنوين فيهما لمنع الصرف وعدم مراعاة الفواصل ولا المزاوجة.
والقراءات رواية متواترة لا يناكدها رسم المصحف فلعلّ الذين كتبوا المصاحف لم تبلغهم إلّا قراءة أهل المدينة.
وحدّث خلف عن يحيى بن آدم عن ابن إدريس قال : في المصاحف الأول ثبت (قَوارِيرَا) الأول بالألف والثاني بغير ألف ، يعني المصاحف التي في الكوفة فإن عبد الله ابن إدريس كوفي. وقال أبو عبيد : لرأيت في مصحف عثمان (قَوارِيرَا) الأول بالألف وكان الثاني مكتوبا بالألف فحكّت فرأيت أثرها هناك بينا ا ه. وهذا كلام لا يفيد إذ لو صحّ لما كان يعرف من الذي كتبه بالألف ، ولا من الذي محا الألف ولا متى كان ذلك فيما بين زمن كتابة المصاحف وزمن أبي عبيد ، ولا يدرى ما ذا عنى بمصحف عثمان أهو مصحفه الذي اختص به أم هو مصحف من المصاحف التي نسخت في خلافته ووزعها على الأمصار؟.
وقرأ يعقوب بغير تنوين فيهما في الوصل.
وأما في الوقف فحمزة وقف عليهما بدون ألف. وهشام عن ابن عامر وقفا عليهما بالألف على أنه صلة للفتحة ، أي إشباع للفتحة ووقف أبو عمرو وحفص وابن ذكوان عن ابن عامر ورويس عن يعقوب على الأول بالألف وعلى الثاني بدون ألف ووجهه ما وجهت به قراءة ابن كثير وخلف.
وقوله : (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) يجوز أن يكون ضمير الجمع عائدا إلى (الْأَبْرارَ) [الإنسان : ٥] أو (عِبادُ اللهِ) [الإنسان : ٦] الذي عادت إليه الضمائر المتقدمة من قوله (يُفَجِّرُونَها) [الإنسان : ٦] و (يُوفُونَ) [الإنسان : ٧] إلى آخر الضمائر فيكون معنى التقدير رغبتهم أن تجيء