[المرسلات : ٢٩] إلخ.
ويجوز أن يكون هذا ابتداء كلام مستأنف انتقل به إلى ذكر نعيم المؤمنين المتقين تنويها بشأنهم وتعريضا بترغيب من المشركين الموجودين في الإقلاع عنه لينالوا كرامة المتقين.
و (ظِلالٍ) : جمع ظلّ ، وهي ظلال كثيرة لكثرة شجر الجنة وكثرة المستظلّين بظلها ، ولأن لكل واحد منهم ظلا يتمتع فيه هو ومن إليه ، وذلك أوقع في النعيم.
والتعريف في (الْمُتَّقِينَ) للاستغراق فلكل واحد من المتقين كون في ظلال.
و (فِي) للظرفية وهي ظرفية حقيقية بالنسبة للظلال لأن المستظل يكون مظروفا في الظل ، وظرفية مجازية بالنسبة للعيون والفواكه تشبيها لكثرة ما حولهم من العيون والفواكه بإحاطة الظروف ، وقوله : (مِمَّا يَشْتَهُونَ) صفة (فَواكِهَ). وجمع (فَواكِهَ) الفواكه وغيرها ، فالتبعيض الذي دلّ عليه حرف (من) تبعيض من أصناف الشهوات لا من أصناف الفواكه فأفاد أن تلك الفواكه مضمومة إلى ملاذ أخرى ممّا اشتهوه.
وجملة (كُلُوا وَاشْرَبُوا) مقول قول محذوف ، وذلك المحذوف في موقع الحال من (الْمُتَّقِينَ) ، والتقدير : مقولا لهم كلوا واشربوا.
والمقصود من ذلك القول كرامتهم بعرض تناول النعيم عليهم كما يفعله المضيف لضيوفه فالأمر في (كُلُوا وَاشْرَبُوا) مستعمل في العرض.
و (هَنِيئاً) دعاء تكريم كما يقال للشارب أو الطعام في الدنيا : هنيئا مريئا ، كقوله تعالى : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) في سورة النساء [٤].
و (هَنِيئاً) وصف لموصوف غير مذكور دل عليه فعل (كُلُوا وَاشْرَبُوا) وذلك الموصوف مفعول مطلق من (كُلُوا وَاشْرَبُوا) مبيّن للنوع لقصد الدعاء مثل : سقيا ورعيا ، في الدعاء بالخير ، وتبّا وسحقا في ضده.
والباء في (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) للسببية ، أي لإفادة تسبب ما بعدها في وقوع متعلّقه ، أي كلوا واشربوا بسبب ما كنتم تعملون في الدنيا من الأعمال الصالحة وذلك من إكرامهم بأن جعل ذلك الإنعام حقا لهم.
وجملة (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) يجوز أن تكون مما يقال للمتقين بعد أن قيل