وعدّي (طاف) بحرف (على) لتضمينه معنى : تسلط أو نزل.
ولم يعين جنس الطائف لظهور أنه من جنس ما يصيب الجنات من الهلاك ، ولا يتعلق غرض بتعيين نوعه لأن العبرة في الحاصل به ، فإسناد فعل (طاف) إلى (طائِفٌ) بمنزلة إسناد الفعل المبني للمجهول كأنه قيل : فطيف عليها وهم نائمون.
وعن الفراء : أن الطائف لا يكون إلّا بالليل ، يعني ومنه سمي الخيال الذي يراه النائم في نومه طيفا. قيل هو مشتق من الطائفة وهي الجزء من الليل ، وفي هذا نظر.
فقوله : (وَهُمْ نائِمُونَ) تقييد لوقت الطائف على التفسير الأول ، وهو تأكيد لمعنى (طائِفٌ) على تفسير الفراء ، وفائدته تصوير الحالة.
وتنوين (طائِفٌ) للتعظيم ، أي أمر عظيم وقد بينه بقوله : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) فهو طائف سوء ، قيل : أصابها عنق من نار فاحترقت.
و (مِنْ رَبِّكَ) أي جائيا من قبل ربّك ، ف (مِنْ) للابتداء يعني : أنه عذاب أرسل إليهم عقابا لهم على عدم شكر النعمة.
وعجل العقاب لهم قبل التلبس بمنع الصدقة لأن عزمهم على المنع وتقاسمهم عليه حقق أنهم مانعون صدقاتهم فكانوا مانعين. ويؤخذ من الآية موعظة للذين لا يواسون بأموالهم.
وإذ كان عقاب أصحاب هذه الجنة دنيويا لم يكن في الآية ما يدل على أن أصحاب الجنة منعوا صدقة واجبة.
والصريم قيل : هو الليل ، والصريم من أسماء الليل ومن أسماء النهار لأن كل واحد منهما ينصرم عن الآخر كما سمي كل من الليل والنهار ملوا فيقال : الملوان ، وعلى هذا ففي الجمع بين (أصبحت) و (الصريم) محسن الطباق.
وقيل الصريم : الرماد الأسود بلغة جذيمة أو خزيمة.
وقيل الصريم : اسم رملة معروفة باليمن لا تنبت شيئا.
وإيثار كلمة الصريم هنا لكثرة معانيها وصلاحية جميع تلك المعاني لأن تراد في الآية.
وبين (يصرمنّها) و (الصريم) الجناس.