وفاء (فَتَنادَوْا) للتفريع على (أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) ، أي فلما أصبحوا تنادوا لإنجاز ما بيّتوا عليه أمرهم.
والتنادي : أي ينادي بعضهم بعضا وهو مشعر بالتحريض على الغدوّ إلى جنتهم مبكرين.
والغدوّ : الخروج ومغادرة المكان في غدوة النهار ، أي أوله.
وليس قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ) بشرط تعليق ولكنه مستعمل في الاستبطاء فكأنهم لإبطاء بعضهم في الغدوّ قد عدل عن الجذاذ ذلك اليوم. ومنه قول عبد الله بن عمر للحجاج عند زوال عرفة يحرضه على التهجير بالرواح إلى الموقف الرواح إن كنت تريد السنة. ونظير ذلك كثير في الكلام.
و (عَلى) من قوله : (عَلى حَرْثِكُمْ) مستعملة في تمكن الوصول إليه كأنه قيل : اغدوا تكونوا على حرثكم ، أي مستقرين عليه.
ويجوز أن يضمن فعل الغدوّ معنى الإقبال كما يقال : يغدى عليه بالجفنة ويراح. قال الطيبي : «ومثله قيل في حق المطلب تغدو درّته (التي يضرب بها) على السفهاء ، وجفنته على الحلماء».
والحرث : شق الأرض بحديدة ونحوها ليوضع فيها الزريعة أو الشجر وليزال منها العشب.
ويطلق الحرث على الجنة لأنهم يتعاهدونها بالحرث لإصلاح شجرها ، وهو المارد هنا كقوله تعالى : (وَحَرْثٌ حِجْرٌ) في سورة الأنعام [١٣٨] ، وتقدم في قوله : (وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ) في سورة آل عمران [١٤].
والتخافت : تفاعل من خفت إذا أسرّ الكلام.
و (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) تفسير لفعل (يَتَخافَتُونَ) و (أَنْ) تفسيرية لأن التخافت فيه معنى القول دون حروفه.
وتأكيد فعل النهي بنون التوكيد لزيادة تحقيق ما تقاسموا عليه.
وأسند إلى (مِسْكِينٌ) فعل النهي عن الدخول والمراد نهي بعضهم بعضا عن دخول المسكين إلى جنتهم ، أي لا يترك أحد مسكينا يدخلها. وهذا من قبيل الكناية وهو كثير في