أمده المقدر في علم الله.
وصاحب الحوت : هو يونس بن متّى ، وقد تقدم ذكره عند قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) إلى قوله : (وَيُونُسَ) في سورة الأنعام [٨٤ ـ ٨٦].
والصاحب : الذي يصحب غيره ، أي يكون معه في بعض الأحوال أو في معظمها ، وإطلاقه على يونس لأن الحوت التقمه ثم قذفه فصار (صاحب الحوت) لقبا له لأن تلك الحالة معيّة قوية.
وقد كانت مؤاخذة يونس عليهالسلام على ضجره من تكذيب قومه وهم أهل نينوى كما تقدم في سورة الصافات.
و (إِذْ) طرف زمان وهو وجملته متعلق باستقرار منصوب على الحال أي في حالة وقت ندائه ربّه ، فإنه ما نادى ربّه إلّا لإنقاذه من كربه الذي وقع فيه بسبب مغاضبته وضجره من قومه ، أي لا يكن منك ما يلجئك إلى مثل ندائه.
والمكظوم : المحبوس المسدود عليه يقال : كظم الباب أغلقه وكظم النهر إذا سده ، والمعنى : نادى في حال حبسه في بطن الحوت.
وجيء بهذه الحال جملة اسمية لدلالتها على الثبات ، أي هو في حبس لا يرجى لمثله سراح ، وهذا تمهيد للامتنان عليه بالنجاة من مثل ذلك الحبس.
وقوله : (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ) إلخ استئناف بياني ناشئ عن مضمون النهي من قوله : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى) إلخ لأنه يتضمن التحذير من الوقوع في كرب من قبيل كرب يونس ثم لا يدري كيف يكون انفراجه.
و (أَنْ) يجوز أن تكون مخففة من (أنّ) ، واسمها ضمير شأن محذوف ، وجملة (تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) خبرها. ويجوز أن تكون مصدرية ، أي لو لا تدارك رحمة من ربّه.
والتدارك : تفاعل من الدرك بالتحريك وهو اللحاق ، أي أن يلحق بعض السائرين بعضا وهو يقتضي تسابقهم وهو هنا مستعمل في مبالغة إدراك نعمة الله إياه.
والنبذ : الطرح والترك. والعراء ممدودا : الفضاء من الأرض الذي لا نبات فيه ولا بناء.
والمعنى : لنبذه الحوت أو البحر بالفضاء الخالي لأن الحوت الذي ابتلعه من النوع