كافرا ، وكان في القتلى. فمرّ به رجل فوضع سيفه في بطنه ، فخرج من ظهره. فلما برد عليه اللّيل لحق بمكة فصحّ. فاجتمع هو وصفوان بن أميّة فقال : لو لا عيالي وديني لكنت أقتل محمدا. فقال صفوان : وكيف تقتله؟ قال : أنا رجل جريء الصدر جواد لا ألحق ، فأضربه وألحق بالجبل فلا أدرك. قال : عيالك في عيالي ودينك عليّ. فانطلق فشحذ سيفه وسمّه. وأتى المدينة ، فرآه عمر فقال للصّحابة : احفظوا أنفسكم فإنّي أخاف عميرا إنّه رجل فاتك ، ولا أدري ما جاء به. فأطاف المسلمون برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجاء عمير ، متقلّدا سيفه ، إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : أنعم صباحا. قال : ما جاء بك يا عمير؟ قال : حاجة. قال : فما بال السّيف؟ قال : قد حملناها يوم بدر فما أفلحت ولا أنجحت. قال : فما قولك لصفوان وأنت في الحجر؟ وأخبره بالقصّة. فقال عمير : قد كنت تحدّثنا عن خبر السماء فنكذّبك ، وأراك تعلم خبر الأرض. أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله. بأبي أنت وأمّي ، أعطني منك علما تعلم أهل مكة أنّي أسلمت. فأعطاه. فقال عمر : لقد جاء عمير وإنّه لأضلّ من خنزير ، ثم رجع وهو أحبّ إليّ من ولدي] (١).
وقال يونس ، عن ابن إسحاق قال : عكّاشة الّذي قاتل بسيفه يوم بدر حتى انقطع في يده ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعطاه جذلا (٢) من حطب ، فقال : قاتل بهذا. فلما أخذه هزّه فعاد سيفا في يده ، طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به (٣) ، حتى فتح الله على رسوله ، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى قتل في قتال أهل الرّدة وهو
__________________
(١) ما بين الحاصرتين من قوله : أحمد بن الأزهر إلى آخر الخبر ، ليس في الأصل ، ع. وزدناه من ح. والخبر في سيرة ابن هشام مثله ٣ / ٧٠ ، ٧١.
(٢) في ع : جزلا. والجذل : أصل الشجرة وغيرها بعد ذهاب الفرع ، والجزل : الحطب اليابس.
(٣) في الأصل ، ع : (بها) والتصحيح من ح.