ذلك الرجل فضرب بالسيف على رأسه حتى وقع السيف في لحيته.
فكان قتل صاحب المشركين تصديقا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم [في قوله] أرى (١) أنّي مردف كبشا.
فلما صرع انتشر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وصاروا كتائب متفرّقة ، فحاسوا (٢) العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم. وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرّات ، كلّ ذلك تنضح بالنّبل فترجع مفلولة. وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا ، فلما أبصر الرّماة الخمسون أنّ الله قد فتح ، قالوا : والله [ما] نجلس ها هنا لشيء. فتركوا منازلهم التي عهد إليهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يتركوها ، [٣٤ أ] وتنازعوا وفشلوا وعصوا الرسول ، فأوجفت الخيل فيهم قتلا ، وكان عامّتهم في العسكر. فلما أبصر ذلك المسلمون اجتمعوا ، وصرخ صارخ : أخراكم أخراكم ، قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فسقط في أيديهم ، فقتل منهم من قتل ، وأكرمهم الله بالشهادة. وأصعد النّاس في الشّعب لا يلوون على أحد ، وثبّت الله نبيّه ، وأقبل يدعو أصحابه مصعّدا في الشّعب ، والمشركون على طريقه ، ومعه عصابة منهم طلحة بن عبيد الله والزّبير ، وجعلوا يسترونه [حتى] (٣) قتلوا إلّا ستة أو سبعة.
ويقال : كان كعب بن مالك أول من عرف عيني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين فقد ، من وراء المغفر. فنادى بصورته الأعلى : الله أكبر ، هذا رسول الله ، فأشار إليه ـ زعموا ـ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن اسكت. وجرح رسول الله صلىاللهعليهوسلم في وجهه وكسرت رباعيّته (٤).
__________________
(١) في الأصل : رأى. وصحّحت العبارة بما يؤدّي المعنى.
(٢) حاسوهم ضربا : بالغوا في النكاية فيهم.
(٣) ليست في الأصل ، وزدناها للسياق.
(٤) سيرة ابن هشام ٣ / ١٥٨.