وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب لوائهم ، حتى ما يدنو منه أحد من القوم.
قال ابن إسحاق : لم يزل لواؤهم صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثيّة ، فرفعته لقريش فلاذوا به.
وقال ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله تعالى (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) أي تقتلونهم ، (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) يعني إقبال من أقبل منهم على الغنيمة ، (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) ، (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ) (١) يعني النصر. ثم أديل [٣٤ ب] للمشركين عليهم بمعصيتهم الرسول حتى حصبهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وروى السّدّيّ ، عن عبد خير ، عن عبد الله قال : ما كنت أرى أنّ أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد الدنيا حتى نزلت فينا (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) (٢).
وقال (٣) هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : هزم المشركون يوم أحد هزيمة بيّنة ، فصرخ إبليس : أي عباد الله أخراكم ، فرجعت أولاهم واجتلدوا هم وأخراهم. فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان ، فقال : أبي ، أبي. فو الله ما انحجزوا عنه حتى قتلوه. فقال حذيفة : غفر الله لكم. قال
__________________
(١) سورة آل عمران : من الآيتين ١٥٢ ، ١٥٣ بتقديم وتأخير في فقرها المستشهد بحسب المعنى. وتمام الآيتين الكريمتين : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ، مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ.).
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٢.
(٣) آخر سقط ع.