والحكمان المجتمعان ، فأحكام العلوم المجتمعة لا غير. كيف وأنا لا نسلم أنّ كون العالم عالما ؛ يزيد على قيام العلم به ، حتى يقال بالموجب والحكم.
وأما الحجة الثانية على الطّرف الأول : فإنما (١) تلزم أن لو امتنع على الصّفة الواحدة أن توجب ما توجبه الصّفات المختلفة ، ولا يلزم من امتناع ذلك في بعض الأحكام كالعالميّة ، والقادريّة ـ مع الاختلاف ـ امتناع ذلك مطلقا ، إلا أن يبين الاشتراك في دليل المنع ؛ ولا سبيل إليه.
كيف وأنه قد (٢) لا نسلم أن ثمّ موجبا وحكما ، على ما تقرر (٣) قبل هذا ، فلا يصحّ الاشتراك (٤).
وأما الحجّة الأولى على الطّرف الثانى : ففى غاية الحسن والقوّة ؛ لكن لقائل أن يقول : الكلام إنّما هو في جواز تعلق العلم الواحد بمعلومين ، وتعلّق العلم بنفسه نسبة وإضافة ، بين العلم ونفسه ، وذلك يستدعى التغاير بين العلم ونفسه ؛ وهو محال ؛ (٥) فلا تعلّق للعلم بنفسه.
وقول القائل : نفسه وذاته ـ وإن كان صحيحا ـ ؛ فنسبة في اللفظ دون المعنى (٥).
وأما الحجّة الثانية : فحاصلها أيضا يرجع إلى قياس تمثيلى ، من غير دليل عقلى موجب للاشتراك في الحكم ؛ فلا يصح (٦).
كيف ولقائل أن يقول في الفرق : إنّ العلم يستدعى وجود المعلوميّة ، والعالميّة ولا يستدعى وجود معلومتين / ؛ فلا يلزم من امتناع إسناد المعلومية والعالمية إلى علمين ؛ امتناع استناد المعلومين إلى علمين. وإن اشترك كل واحد من القائلين في عدم الانفكاك.
وبالجملة : فأقرب هذه المذاهب. إنّما هو مذهب القاضى ؛ فعليك بالاجتهاد في تحقيقه.
__________________
(١) فى ب (فإنه).
(٢) فى ب (قال).
(٣) فى ب (ما يعرف).
(٤) فى ب (الاستدلال).
(٥) فى ب (فلا يتعلق العلم بنفسه ومعنى كون الواحد عالما بعلمه لا يزيد على قيام علمه بنفسه وقوة القائل بنفسه وإن كان ظاهره نسبة الشيء إلى نفسه إلا أنه مجاز لا حقيقة له).
(٦) انظر ما يأتى ل ٣٩ / أ.