الفصل الثامن
فى أول واجب على المكلف (١)
وقد اختلف فى ذلك :
فقال بعض أصحابنا : أول واجب على المكلف معرفة الله ـ تعالى ـ إذ هى أصل المعارف الدينية ، والواجبات / الشرعية.
وقال غيره : النظر فى معرفة الله ـ تعالى ـ واجب بالاتفاق ؛ وبه تحصل المعرفة ؛ وهو متقدم عليها ؛ فهو أول واجب على المكلف.
وقال غيره (٢) : بل أول واجب ، أول جزء من النظر ؛ إذ النظر متقدم على المعرفة ، وأول جزء من النظر ، متقدم على النظر ؛ وهو اختيار القاضى.
وقال غيره : بل أول واجب : إنما هو القصد إلى النظر ؛ إذ النظر يستدعى القصد إليه ، والقصد إليه ، متقدم عليه ؛ وهو اختيار الأستاذ أبى بكر (٣).
وقال (٤) أبو هاشم (٤) : وجوب النظر ، والقصد إليه ، يستدعى سابقة الشك فى الله ـ تعالى ـ ، وإلا كان النظر فى تحصيل الحاصل ؛ وهو محال. والشّكّ سابق على إرادة النظر ؛ فكان هو الواجب الأول. وزعم أن الشك فى الله ـ تعالى ـ حسن.
وقد قيل فى إبطاله (٥) : إن كل واجب مأمور به ، فلو كان الشّك فى الله واجبا ؛ لكان مأمورا به ، والأمر بالشّك فى الله ـ تعالى ـ يستدعى معرفة أمر الله ـ تعالى ـ ، ومعرفة أمر الله ـ تعالى ـ مع الشك فيه ؛ تناقض.
وهو غير سديد ؛ فإنه : إما أن يكون مدرك الوجوب (٦) الشرع ، أو العقل (٦).
فإن كان مدرك الوجوب العقل ؛ كما هو مذهبه ؛ فقد اندفع التناقض.
__________________
(١) قارن بالشامل لإمام الحرمين ص ١٢٠ ـ ١٢٣ والمغنى للقاضى عبد الجبار ١٢ / ٤٨٧ وشرح الأصول الخمسة له أيضا ص ٣٩ ، ٦٤ ، والمحيط بالتكليف له أيضا ص ٢٦ ـ ٣٤ ثم انظر المحصل للرازى ص ٢٨ ، وشرح طوالع الأنوار للبيضاوى ص ٣٣ ـ ٣٥ وشرح المواقف للجرجانى ١ / ١٢٣ ـ ١٢٦ وشرح المقاصد ١ / ٣٦ للتفتازانى.
(٢) انظر الإنصاف ص ١٣ للباقلانى والشامل للجوينى ص ١٢١.
(٣) وقد قال به إمام الحرمين أيضا انظر الإرشاد ص ٣ والشامل ص ١٢١.
(٤) ساقط من (ب) ـ قارن ما ورد هنا عن أبى هاشم بما ورد بالأصول الخمسة ص ٧١ ـ ٧٥.
(٥) القائل إمام الحرمين انظر الشامل ص ١٢١ ، ١٢٢.
(٦) فى ب (العقل أو الشرع).