قولهم : [أهى] (١) غير متناهية في ذاتها ، ومتعلقاتها ، أم لا؟
قلنا : بل هى غير متناهية في ذاتها ، ولا بالنظر إلى متعلقاتها.
أما بالنظر إلى ذاتها : فبمعنى أنها حقيقة واحدة ، لا انقسام فيها" لا (٢) بأجزاء حد (٢) ، ولا بأجزاء كمية ، وهذا هو المعنى من سلب النهاية عن ذات واجب الوجود ، وباقى صفاته.
وأما سلب النهاية عنها باعتبار متعلقاتها : فمعناه أن ما يصح (٣) أن تتعلق به القدرة من الجائزات لا نهاية له بالقوة ، وإن كان متناهيا بالفعل. وهذا هو المعنى بسلب النهاية في متعلقات باقى الصفات.
قولهم : فما علم الله ـ تعالى ـ أنه لا يكون ، هل (٤) يكون مقدورا منه ما هو ممتنع الكون له؟
قلنا : ما علمه الله ـ تعالى ـ أنه لا يكون : منه / ما هو ممتنع الكون في نفسه : كاجتماع الضدين ، وكون الجسم الواحد في آن واحد في مكانين ، ونحوه ، ومنه ما هو جائز في نفسه : مع قطع النظر عن تعلق العلم بأنه لا يكون.
فما كان من القسم الأول : فغير مقدور من غير خلاف. سواء تعلق العلم بأنه لا يكون ، أو لم يتعلق.
وأما القسم الثانى : فقد اختلف فيه ، فذهب أئمتنا ، وأكثر المعتزلة : إلى أنه مقدور خلافا لعبّاد (٥) ؛ فإنه قال : هو غير مقدور لله ـ تعالى ـ.
وحاصل النزاع في هذه المسألة آئل إلى العبارة ؛ فإن من قال بكونه مقدورا لا يعنى به غير أنه بالنظر إلى ذاته ممكن ، والممكن ـ من حيث هو ممكن ـ غير مستحيل
__________________
(١) فى أ (انها).
(٢) فى ب (بأجزاء حدود).
(٣) فى ب (ما يصلح).
(٤) فى ب (فهل).
(٥) عبّاد بن سليمان الصّيمرى : أحد رجال الطبقة السابعة من المعتزلة من أصحاب هشام الفوطى ، له مؤلفات كثيرة في الاعتزال ، ودارت بينه وبين ، ابن كلاب مناظرات ، توفى سنة ٢٥٠ ه (انظر طبقات المعتزلة ص ٧٧ ومقالات الإسلاميين ١ / ٢٣٧ و٢٣٩ و٢٥٠ و٢٥٢).