الثانى : يلزم منه أن يكون الجماد ، وجميع الأعراض مريدة ؛ إذ هى غير مستكرهة ، ولا مغلوبة.
الثالث : أنه إذا كان معنى كونه مريدا : سلب الكراهية ، والغلبة عنه ؛ فسلب السلب ؛ إثبات ، ويلزم من ذلك أن يكون الرب تعالى موصوفا بكراهية ما لا يكون مريدا له ؛ وهو محال.
الرابع : أنه وإن كان معنى كونه مريدا : ما ذكر ؛ غير أنه نفى محض ، وعدم صرف ؛ وذلك غير صالح للتخصيص ؛ فلا بد من مخصص وجودى.
قولهم : لم قلتم إنه (١) لا بدّ وأن يكون المخصص قائما بذات الله ـ تعالى ـ؟
قلنا : لأنه لو لم يكن قائما بذاته ؛ لم يخل : إما أن يكون قائما في محل ، أو لا في محل.
فإن كان قائما في محل : فذلك المحل : إما قديم ، أو حادث. فإن كان حادثا : فهو مفتقر في وجوده إلى مخصص. والمخصص له. إما نفس ما قام به ، أو غيره.
لا جائز أن يكون هو نفس ما قام به : وإلا لأفضى (٢) إلى الدور من جهة توقف كل واحد منهما على الآخر ؛ فإن المخصص صفة قائمة بالمحل ؛ فيكون متوقفا على المحل. فإذا كان ذلك المحل متوقفا في تخصصه على ما قام به من المخصص ؛ فهو (٣) دور ممتنع (٣).
وإن كان المخصص لذلك المحل غير ما قام به من المخصص : فالكلام في ذلك المخصص الثانى : كالكلام في الأول ؛ ويلزم منه التسلسل ، أو الدور الممتنع.
ثم ليس القول بكون البارى ـ تعالى ـ مخصصا للعالم بوقت حدوثه بذلك المخصص أولى من كون ما قام به ذلك المخصص ، هو المخصص للعالم ؛ بل وهو الأولى.
__________________
(١) فى ب (بأنه).
(٢) فى ب (أفضى).
(٣) فى ب (كان دورا).