فإن كان حادثا : فلا بد له من مخصص آخر ؛ ويلزم (١) منه التسلسل (١) ، أو الدور.
فإن قيل : المخصص لا يستدعى مخصصا آخر ـ وإن كان حادثا كما في الشاهد ـ ولهذا فإن من [وجدت] (٢) له إرادة لشيء لا تستدعى تلك الإرادة ، إرادة أخرى. وإلا أفضى إلى التسلسل وأن لا يتم لأحد إرادة إلا مع وجود إرادات غير متناهية ؛ وهو مما يحسن (٣) من (٣) النفس بطلانه.
وربما عضدوا هذا بأمثلة أخرى : كالتمنى ، والشهوة ، ونحو ذلك.
قلنا : أما قولهم : بأن المخصص لا يستدعى مخصصا ، وإن كان حادثا : ليس كذلك ؛ فإن ما تخصص بالمخصص : إنما كان مفتقرا إليه من جهة كونه ممكنا ، وحادثا لا من جهة كونه ذاتا ، أو حقيقة ما. وهذا المعنى المحوج إلى المخصص متحقق في المخصص إذا قيل بكونه ممكنا ، أو حادثا.
قولهم : الإرادة في الشاهد لا تستدعى مخصصا / آخر : ليس كذلك ؛ بل لا بدّ لها من جهة كونها ممكنة وحادثة ، من مخصص. نعم غايته أنه لا يجب أن يكون المخصص لها إرادة أخرى لمن له الإرادة في الشاهد ؛ بل المخصص لها : إنما هو الإرادة القديمة القائمة بنفسه ؛ وعلى هذا : فلا تسلسل. وعلى هذا : يكون الكلام فيما كثروا به من [أمثلة] (٤) التمنى ، والشهوة أيضا.
وأيضا (٥) ؛ فإنه لو كان بمعنى (٥) المخصص حادثا لا في محل. لم تكن نسبته إلى البارى ـ تعالى ـ بكونه مخصصا به أولى من نسبته إلى غيره من الحوادث.
وإن قيل : بوجوب نسبته إلي الله ـ تعالى ـ لما بينهما من الاشتراك في عدم الافتقار إلى المحل. فمع عدم جهة الملازمة من ذلك أمكن أن يقال بوجوب النسبة إلى باقى الحوادث ؛ لما بينهما من الاشتراك في الحدوث ؛ بل أولى من حيث إنما (٦) يتحقق من الاشتراك بين الحادثين أكثر مما به الاشتراك بين القديم ، والحادث. ثم لو لزم نسبته إلى الله ـ تعالى ـ لما بينهما من الاشتراك في نفى المحلية ؛ لوجب نسبته إلى سائر
__________________
(١) من أول (ويلزم ...) ساقط من ب.
(٢) فى أ (وجد).
(٣) فى ب (تحقق في).
(٤) فى أ (الأمثلة).
(٥) فى ب (فإنه لو كان المعنى).
(٦) فى ب (ما).