الثانى : هو أن العلم بأحد المعلومين مغاير للعلم بالمعلوم الآخر. وبيانه من أربعة أوجه :
الأول : هو أنه يتصور العلم بأحد المعلومين مع الشك في الآخر. ولو كان العلم بهما واحدا ؛ لما كان كذلك.
الثانى : هو أنه لا يقوم العلم بأحد المعلومين مقام العلم بالآخر ؛ ولهذا فإن العلم بالسواد ، لا يكون علما بالبياض ، وكذلك بالعكس.
الثالث : هو أن العلم بأن الشيء الفلانى واقع : مشروط بالوقوع ، والعلم بأنه سيقع : غير مشروط بالوقوع ؛ والمشروط غير ما ليس بمشروط.
الرابع : هو أن العلم بالشيء : عبارة عن انطباع صورة مطابقة له في النفس. فإذا كانت صور المعلومات ، وحقائقها مختلفة ومتغايرة ؛ كانت العلوم مختلفة ، ومتغايرة.
سلمنا صحة تعلقه بمعلومين فصاعدا ؛ ولكن لا نسلم صحة تعلقه بكل ما يصح أن يعلم. وإن سلم ذلك ؛ فلا نسلم صحة تعلقه بهما معا ؛ بل على سبيل البدل.
وإن سلمنا صحة ذلك معا ؛ ولكن لا نسلم الوقوع.
وبيانه من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه لو كان عالما بكل ما يصح أن يعلم. فما يصح أن يعلم غير متناه ؛ فمعلوماته لا نهاية لها ؛ ووجود ما لا نهاية له محال كما (١) سبق (١) فى إثبات واجب الوجود.
الثانى : أنه يلزم من ذلك أن (٢) يكون عالما بكونه / عالما ، وعالما بكونه عالما بكونه عالما ، وهلم جرا (٢) ، إلى ما لا نهاية له.
ويلزم من ذلك قيام علوم بذاته لا نهاية لها ؛ وهو محال.
الثالث : هو أنه لو كان عالما بجميع الأشياء ؛ فيلزم أن ما تعلق علمه بوقوعه ؛ وجوب وقوعه ، وما علم عدم وقوعه ؛ امتناع وقوعه ؛ حتى لا يكون العلم جهلا.
__________________
(١) فى ب (على ما ثبت تحقيقه). انظر ل ٤١ / ب وما بعدها.
(٢) فى ب (أن يكون عالما ، وعالما بكونه عالما).