ضرورة انطباع صورتها في ذاته ؛ وليس كذلك. وسواء كان حيا مدركا ، أو لم يكن. وإن قالوا : ليس العلم هو الانطباع في الذات ؛ بل في القوة المدركة.
قلنا : فالقوة المدركة هى العلم : وهى وراء الانطباع.
الثانى : أنه لو كان العلم هو نفس انطباع صورة المعلوم في النفس ؛ لما تصور العلم باستحالة اجتماع السواد ، والبياض ؛ فإن ذلك يلازمه العلم بمعنى السواد ، والبياض ؛ فإن تصور المفردات سابق على التصديق بما لها من النسب الواجبة لها. فلو كان العلم بمعنى السواد والبياض عبارة عن انطباع صورة السواد والبياض في النفس ؛ لزم اجتماع الضدين في محل واحد ؛ وهو محال.
وإن (١) قيل : بأن (١) استحالة الاجتماع بين الضدين مشروطة بالوجود العينى ، فإنما يلزم : أن لو كان الوجود زائدا على نفس الذات ؛ وهو غير صحيح ؛ على ما سيأتى في مسألة المعدوم (٢).
الثالث : هو (٣) أنه لو كان الأمر على (٤) ما ذكر (٤) : للزم أن من علم السواد والبياض ، أو الحرارة والبرودة : أن يوصف بكونه أسود ، وأبيض ، وحارا ، وباردا ؛ ضرورة انطباع حقيقة البياض ، والسواد ، والبرودة ، والحرارة في ذاته ، ونفسه ؛ وليس كذلك.
الرابع : أنه يلزم من ذلك أن يكون المحل المنطبع فيه صورة المعلوم لا ينقص في الكمية عن كمية الصورة المنطبعة فيه ضرورة مطابقتها له ؛ وهو محال.
الخامس : أنه لو كان كذلك : فالمعلوم إذا كان جسما ؛ فالمحل المنطبع فيه شاهدا : إما أن يكون جوهرا ، أو عرضا.
لا جائز أن يكون جوهرا : وإلا لزم قيام الجسم بالجوهر ؛ وهو محال.
وإن كان عرضا : لزم قيام الجسم بالعرض ؛ وهو أيضا محال.
وأما تفسيره بالإضافة : فالوجه في إبطاله أن يقال :
__________________
(١) فى ب (فإن قيل إن)
(٢) انظر ص ٣٩٥ من الجزء الثانى.
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (كما ذكروه).