الإنسان ، في الداخل (أنا) ، لا يتغير. ولو كانت حقيقة الإنسان هي نفس هذه الخلايا لوجب أن يكون الإحساس بحضور «أنا» في جميع الحالات أمرا باطلا ، وإحساسا خاطئا.
وحاصل هذا البرهان عبارة عن كلمتين : وحدة الموضوع لجميع المحمولات ، وثباته في دوامة التحولات. وهذا على جانب النقيض من كونه ماديا.
البرهان الثاني ـ علم الإنسان بنفسه مع الغفلة عن بدنه (١)
إنّ الإنسان قد يغفل في ظروف خاصة عن كل شيء ، عن بدنه وأعضائه ، ولكن لا يغفل أبدا عن نفسه ، سليما كان أم سقيما وإذا أردت أن تجرب ذلك ، فاستمع إلى البيان التالي :
افرض نفسك في حديقة زاهرة غناء ، وأنت مستلق لا تبصر أطرافك ولا تتنبّه إلى شيء ، ولا تتلامس أعضاؤك ، لئلا تحسّ بها ، بل تكون منفرجة ، ومرتخية في هواء طلق ، لا تحسّ فيه بكيفية غريبة من حرّ أو برد أو ما شابه ، ممّا هو خارج عن بدنك. فإنّك في مثل هذه الحالة تغفل عن كل شيء حتى عن أعضائك الظاهرة ، وقواك الداخلية ، فضلا عن الأشياء التي حولك ، إلّا عن ذاتك ، فلو كانت الروح نفس بدنك وأعضائك وجوارحك وجوانحك ، للزم أن تغفل عن نفسك إذا غفلت عنها ، والتجربة أثبتت خلافه.
وبكلمة مختصرة : «المغفول عنه ، غير اللامغفول عنه». وبهذا يكون إدراك الإنسان نفسه من أول الإدراكات وأوضحها.
البرهان الثالث ـ عدم الانقسام آية التجرّد
الانقسام والتجزؤ من آثار المادة ، غير المنفكة عنها ، فكل موجود مادي
__________________
(١) هذا البرهان ذكره الشيخ الرئيس في الإشارات ج ٢ ص ٩٢. والشفاء قسم الطبيعيات في موردين ص ٢٨٢ و ٤٦٤.