فِيهِمْ ، وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (١) وهو صلوات الله عليه وآله ، لم يدع عليهم في غزوة أحد ، مع أنّهم شجّوا جبهته وكسروا أسنانه ، وضرّجوا وجهه بالدماء.
فهذه الأمور ، توجب عدم الاطمئنان إلى هذا الوجه.
الوجه الثاني : إنّ مفاد الآية يرجع إلى أشراط الساعة ، وأنه قبل قيام البعث يغشى الناس دخان مبين. ويؤيّد ذلك أنّ الآية تتضمن ذكر يومين :
١ ـ يوم تأتي السماء فيه بدخان مبين.
٢ ـ ويوم يبطش فيه الرب تعالى البطشة الكبرى.
وبما أنّ البطشة الكبرى راجعة إلى يوم البعث الذي يأخذ فيه الله تعالى الظالمين والكافرين بشدة وقدرة ، يكون ذلك قرينة على أنّ ما يقع في اليوم الأول ، من أشراط الساعة ، فيوم تظهر فيه آية الساعة وعلامتها ، ويوم تتحقق فيه نفس الساعة.
وأما على التفسير الأول ، فلا مناص ، من جعل اليوم الأول يوم طروء الجوع في مكة ، واليوم الثاني يوم غلبة النبي على قريش في بدر ، ولا يخفى أن تفسير اليومين بهذا النحو يحتاج إلى دليل.
ويؤيّد المعنى الثاني ما روي عن حذيفة بن اليمان ، مرفوعا : أوّل الآيات الدّجال ، ونزول عيسى ، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدّخان. قال حذيفة : يا رسول الله ، وما الدّخان؟ فتلا رسول الله صلىاللهعليهوآله الآية : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ...) ، يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يوما وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام ، وأما الكافر بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره (٢).
__________________
(١) سورة الأنفال : الآية ٣٣.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٢٥ ، ص ٦٨. والدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٢٩.