قال : «آخر آية أنزلها الله على رسوله ، آية الربا» (١) ، وغير ذلك من الروايات.
الثاني ـ إنّ تفسير الدين بالأحكام ، وإكمالها بالبيان وأنّه تحقق في يوم عرفة من عام حجّ الوداع ، لا ينسجم مع سائر فقرات الآية ، فإنّ الآية تخبر عن يوم تحققت فيه أمور ثلاثة : يأس الكفار من دين المسلمين ، وإكمال الدين وإتمام النعمة.
توضيح ذلك إنّه إن أراد من الكفار ، كفار العرب ، القاطنين في الجزيرة ، فالإسلام كان قد عمّهم يوم ذاك ، ولم يكن فيهم من يتظاهر بغير الإسلام ، فمن هؤلاء الكفار اليائسون؟ فإنّ سورة البراءة ، وتلاوتها يوم عيد الأضحى ، في العام التاسع للهجرة ، صارت سببا لنفوذ الإسلام في كل أصقاع الجزيرة ، ورفض الشرك ونبذ عبادة الأوثان ، رغبة أو رهبة ، ولم يبق مشرك إلّا وقد كسر صنمه ، ولا عابد وثن إلّا وقد تحوّل إلى عبادة الله تعالى طمعا أو خوفا ، فلم يبق هناك كافر يئس من دين المسلمين.
وإن أراد سائر الكفار من الأمم ، من العرب وغيرهم ، فلم يكونوا يائسين يومئذ من الظهور على المسلمين.
فعلينا أن نتفحص عن يوم تتحقق فيه هذه الأمور الثلاثة ، كما سيبين.
الثالث ـ إنّ ما ذكر لا ينسجم مع ما رواه عدّة من المحدثين من نزولها يوم الثامن عشر من ذي الحجة ، في السنة العاشرة للهجرة ، عند ما نصب النبي عليّا للولاية ، وقال : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» (٢).
ويعرب عن صحة ذلك ما ذكره الرازي ، قال : «قال أصحاب الآثار إنّه
__________________
(١) الدر المنثور للسيوطي ، ج ١ ، ص ٣٦٥.
(٢) لاحظ في الوقوف على مصادر نزول الآية يوم الغدير ، كتاب الغدير ، ج ١ ، ص ٢٣٠ ـ ٢٣٨ ، وقد رواه عن ستة عشر محدثا ، منهم أبو جعفر الطيري ، وابن مردويه الأصفهاني ، وأبو نعيم الأصفهاني ، والخطيب البغدادي ، وأبو سعيد السجستاني ، وأبو الحسن المغازلي ، وأبو القاسم الحسكاني ، وابن عساكر الدمشقي ، وأخطب الخطباء الخوارزمي ، وغيرهم من أعاظم المحدثين.