وأما الوجه الثانى : فلا يلزم أيضا أن من كان قادرا من العرب البلغاء على الكلمة والكلمات منه أن يكون قادرا على مثله ، أو مثل سورة من سوره الطوال.
ولهذا فإنا نجد كثيرا من الناس يقدر على الكلمة ، والكلمات البليغة ، والبيت والبيتين من الشعر ، ولا يقدر على وضع خطبه ، أو رسالة ، ولا نظم قصيدة.
وأما الوجه الثالث : فباطل ، فإن الصّحابة وإن اختلفوا فى بعض السّور والآيات أنّها من القرآن ؛ فلم يختلفوا فى كونها نازلة على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا فى بلاغتها المعجزة.
وأما الوجه الرابع : ففيه جوابان :
الأول : أن طلب البيّنة الظّنيّة على ذلك لم يكن ؛ لأن الآية ليست من القرآن بل لوضعها ، وترتيبها.
الثانى : أنه وإن التبس عليهم بلاغة بعض الآيات ببلاغة بلغاء العرب فغايته أن الآية لا تكون معجزة ؛ فلا يلزم من ذلك امتناع كون بلاغة جملة القرآن ، أو بلاغة سورة مطولة منه معجز.
وأما الوجه الخامس : فباطل أيضا ؛ فإنّه وإن كان فى مقدوره تعالى ـ خلق كلام هو أبلغ من كلام القرآن ؛ فذلك / / مما لا يخرج بلاغة القرآن عن كونها خارقة للعادة ، وأنها غير معتادة.
قولهم : إنّه يمتنع أن يكون الإخبار عن الغيب معجزا.
قلنا : هذا مكابرة ، ومباهته ، فإن الإخبار عن الغائبات مع التكرار ، والإصابة / غير معتاد.
(١) قولهم : إنه يمتنع أن يكون الإخبار عن الغيب معجزا (١). ولا معنى لكونه معجزا إلا هذا. وما ذكروه فى إبطاله من الوجوه الأربعة ؛ فهو باطل.
أما الوجه الأول : فلأنه لا يلزم من أن الإصابة فى الكرّة والكرتين معتادة ، أن تكون الإصابة فى الكرّات الكثيرة معتادة.
__________________
/ / أول ٨٩ / أ.
(١) ساقط من (ب).