وإن كان الثانى : فلا يمتنع ظهورها على يد [من لا يدعى النبوة ، أو على يد من يدعيها ، إذا كان صادقا ، وتكون آية على صدقه. وإن كان كاذبا فى دعوى النبوة فلا نسلم تصور ظهورها على يده] (١). وبتقدير التصور فلا بد وأن يقيض الله ـ تعالى ـ من يعارضه ، ويكذبه ، كما سبق تقرير كل ما هو من هذا الجنس.
قولهم : المحتمل أن يكون قد حصل له القرآن قبل دعوى الرسالة ؛ فقد سبق جوابه.
وما ذكروه : على باقى المعجزات من أنها ثابتة بأخبار الآحاد.
قلنا : كل واحد منها وإن كان أصل خبره آحادا غير أن جملتها تنزلت منزلة التواتر ، ويكون موجبا لحصول العلم بصدور المعجزات عنه وظهورها على يده كما نعلم بالضرورة شجاعة عنتر (٢) ، وسخاء حاتم (٣) ؛ لكثرة النقلة عنهما أحوالا مختلفة تدل على شجاعة هذا ، وكرم هذا ، وإن كان نقل كل حالة منهما على لسان الآحاد / ، لا لسان التواتر.
قولهم : سلمنا ظهور الخوارق على يده ؛ ولكن لا نسلم أنه تحدى بها.
قلنا : ذلك معلوم بالتواتر على ما حققناه.
قولهم : يحتمل أنه قصد بذلك التعظيم ، والترفع ، والدعوى كما جرت به عادة البلغاء فى نظمهم ونثرهم.
قلنا : شهرة تحديه معلوم بالضرورة فى الآيات المذكورة مع دعوى الرسالة ودعاء الناس إلى الاجابة والتصديق له فيما يدعيه حتى أن منهم من سارع إلى تصديقه ، والدخول فى ملته ، ومنهم من غلبت عليه الشقاوة ، واستحكمت فيه الطغاوة ، واشتغل
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) عنتر بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسى : أشهر فرسان العرب فى الجاهلية ومن شعراء الطبقة الأولى من أهل نجد أمه جارية حبشية اسمها زبيبة ، كان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفسا. يضرب به المثل فى الشجاعة ، شهد حرب داحس والغبراء وعاش طويلا ومات قبل الهجرة ب ٢٢ سنة.
(الأغانى للأصفهانى فى طبعة دار الكتب المصرية ٨ / ٢٣٧ والأعلام للزركلى ٥ / ٩١ ، ٩٢).
(٣) حاتم الطائى : حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائى القحطانى أبو عدى : فارس ، شاعر ، جواد ، يضرب المثل بجوده. كان من أهل نجد وزار الشام ؛ فتزوج ماوية الغسانية ومات سنة ٤٦ قبل الهجرة. (تهذيب ابن عساكر ٣ / ٤٢٠ وما بعدها والأعلام للزركلى ٢ / ١٥١).
/ / أول ل ٩٠ / أمن النسخة ب.