سلمنا أن الهمّ كان بالمعصية ، والزنا ، غير أن الكلام فيه تقديم ، وتأخير وتقديره «ولقد همت به لو لا أن رأى برهان ربه لهمّ بها ، وليس فى ذلك ما يدل على وقوع العزم على الزنا.
وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على العزم على الزنا غير أن معنا ما يدل على عدمه ، ودليله قوله ـ تعالى ـ (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) (١) وأيضا قوله ـ تعالى ـ حكاية عن يوسف ـ عليهالسلام ـ (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) (٢) يعنى العزيز ، ولو كان قد عزم على المعصية ؛ لكان خائنا له.
وأيضا قوله ـ تعالى ـ حكاية عن امرأة العزيز (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) (٣).
وأيضا : قول العزيز (٤) لما رأى القميص قد قد من دبر (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَ) (٥) أضاف الكيد إليها.
وأيضا قوله (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ٣٣ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) (٦) وذلك يؤذن ببراءته من كل معصية.
وأيضا قوله ـ تعالى ـ (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (٧).
والجواب :
قولهم : إن الهمّ قد يطلق بمعنى خطور الشيء بالبال من غير عزم عليه.
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ / ٢٤.
(٢) سورة يوسف ١٢ / ٥٢.
(٣) سورة يوسف ١٢ / ٣٢.
(٤) العزيز : هو اطفير بن روحيب قال ابن إسحاق : وكان ملك مصر يومئذ الريان بن الوليد ، رجل من العماليق.
وقال ابن إسحاق عن أبى عبيدة عن ابن مسعود قال : أفرس الناس ثلاثة : عزيز مصر حين قال لامرأته : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) وكان رجلا عاقلا قال ليوسف بعد ما حدث من امرأته (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) وطالب امرأته بالاستغفار من ذنبها ـ وبعد موت اطفير تولى يوسف عليهالسلام وظيفته وتزوج امرأته.
[قصص الأنبياء لابن كثير ص ٢٣٧ ـ ٢٥١].
(٥) سورة يوسف ١٢ / ٢٨.
(٦) سورة يوسف ١٢ / ٣٣ ، ٣٤
(٧) سورة يوسف ١٢ / ٥١.