قلنا : قد بيّنا أن الهمّ عبارة عن العزم بما ذكرناه.
وأما الآية فلا نسلم أن المراد بالهمّ فيها على الفشل غير العزم ؛ إذ هو غير ممتنع عليهم بالإجماع.
وقوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ وَلِيُّهُما) (١) غير مناف للمعصية من الطائفتين ، وإلا كانوا معصومين عن الذنوب ؛ وهو خلاف الإجماع منا ، ومن الخصوم.
وقولهم : إنه قرن / الشاعر بين الهم ، والعزم
قلنا : لفظا ، أو معنى ـ الأول : مسلم ، والثانى : ممنوع.
فلئن قالوا : فيلزم / / مما ذكرتموه الترادف فى الألفاظ ، والأصل عند اختلاف الألفاظ ؛ اختلاف معانيها.
قلنا : ويلزم من اختلاف المعنى ، أن يكون لفظ الهمّ مشتركا فى مدلولاته ، أو مجازا فى بعضها. حيث قبل إطلاقه بإزاء العزم وخطور الشيء بالبال. وكل واحد من الأمرين على خلاف الأصل أيضا. وعند التعارض ، يسلم لنا ما ذكرناه من دليل إطلاق الهمّ بإزاء العزم.
وإن سلمنا صحة إطلاق الهمّ : بمعنى خطور الشيء بالبال ، غير أنه حقيقة فيما ذكرناه ، بدليل تبادره إلى الفهم من إطلاق اللّفظ على ما سبق. ويلزم أن يكون مجازا فيما عداه ، وإلا كان لفظ الهم مشتركا ، وكل واحد منهما وإن كان على خلاف الأصل ؛ لكونه مخلا بالتفاهم المقصود من وضع الألفاظ من جهة توقف فهم المدلول منها على القرائن المضطربة ، غير أن محذور ذلك فى الاشتراك ، أعظم منه فى التجوز ؛ للزوم ذلك فى اللّفظ المشترك دائما وفى جميع محامله ، بخلاف المجاز ؛ حيث أنه لا يفتقر إلى القرينة فى جميع محامله ، ولا دائما ، ولذلك كان استعمال أهل اللغة للألفاظ المجازية أكثر من استعمالهم للألفاظ المشتركة. ولو لا أنها أو فى بتحصيل مقصودهم ؛ لما كان كذلك.
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ / ١٢٢.
/ / أول ل ٩٧ / ب.