الشيطان ، وكثرة اعتراض الشبه لهم مع أن أكثر عبادتهم مستنبطة لهم بالاجتهاد ، والنظر لبعدهم عن مشاهدة العالم العلوى ، ومطالعة ما فى اللوح المحفوظ إلى غير ذلك من الأمور. وذلك كله مما لا تحقق له فى حق الملائكة. ولا يخفى أن التكليف بالعبادات مع هذه الأمور أشق منها مع عدمها.
قولهم : عبادات الملائكة أسبق.
قلنا : ليس فى ذلك ما يدل على كونهم أفضل ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١) ، قال بعض أهل التفسير المراد به السابقون فى الدنيا إلى الخيرات.
وقيل : المراد به أول الناس رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا فى سبيل الله.
وقيل : المراد به السابقون إلى التصديق بالأنبياء من أممهم ، وعلى كل تقدير ؛ فلا مدخل للملائكة فيه.
قولهم : إن الملائكة أتقى على ما قرروه.
فقد سبق جوابه فى الفصل / الّذي قبله. وقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ) (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٣).
غايته الدلالة على عظمة الله ـ تعالى ـ بخدمة العظماء الجبابرة الشداد له ، وذلك يدل على أن الملائكة أقدر ، وأقوى ، وأجبر من البشر ، وليس فى ذلك ما يدل على كثرة ثوابهم بالنسبة للبشر ولأنهم أفضل منهم عند الله ـ تعالى ـ وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ) (٤) غايته الدلالة على أن الملائكة حفظة لأفعال العباد خيرها ، وشرها ، وأنهم كاتبون لها ، وشاهدون بها ، وليس فى ذلك ما يدل على أن حال الشاهد ، أفضل من حال المشهود عليه.
وقولهم : إنهم حافظون للبشر عن المعاصى.
__________________
(١) سورة الواقعة ٥٦ / ١٠.
(٢) سورة النبأ ٧٨ / ٣٨.
(٣) سورة الزمر ٣٩ / ٧٥.
(٤) سورة الانفطار ٨٢ / ١٠ ، ١١.