الصدق ؛ لتفاوت الأدلة ، والمعجزات فى الظهور والخفاء بالنسبة إلي نظر الناس. حتى إنه يسهل على بعض الناس النظر فى بعض الأدلة دون البعض. وكذلك فى المعجزات ، والبعض الآخر بالعكس ، فكانت فائدة نصب الأدلة ، أو المعجزات أن يستصلح بكل قبيل قبيلا من الناس /.
قلنا : وهذا لازم فيما نحن فيه ، أما بالنسبة إلى المقرر للواجبات العقلية لا غير ؛ فلأن الناس أيضا يتفاوتون فى سهولة الانقياد إلى المدارك المختلفة ، حتى أن منهم من يصعب عليه الانقياد إلى المدارك العقلية ؛ لاستصعابها عليه ، وإذا رأى أنها خارقة مال إليها واطمأنت نفسه بها ونقول من ظهرت على يده كأكثر العوام ، ومنهم من هو بالعكس من ذلك.
وأما بالنسبة إلى المقرر بشريعة من تقدم مع عدم اندراسها ، فلتفاوت الناس أيضا فى سهولة الانقياد إلى بعض الناس ، وإلى ما يقوله دون البعض وركونه إليه ؛ فكانت أيضا فائدة الإرشاد / / استصلاح كل بما يميل إليه ، ويسهل عليه.
والجواب عن الشبهة الأولى : القائلين بامتناع البعثة.
قولهم : إما أن يقولوا بالجنّ ، أو لا يقولون بهم :
قلنا : هذا مما اختلف فيه الناس :
فذهب الفلاسفة والمعتزلة ومن نصر مذهب هؤلاء : إلى إنكار الجنّ والشياطين.
وأما مذهب أهل الحق : فالاعتراف بوجودهم تمسكا بما قيل فى ذلك من الأدلة.
قولكم : فما الّذي يؤمنه أن يكون المخاطب له جنيا ، وأن ما ألقى إليه ليس من عند الله.
قلنا : غير ممتنع أن يعلم أن المرسل له هو الله ـ تعالى ويحصل له اليقين به ؛ وذلك بأن يظهر الله ـ تعالى ـ له آيات ودلائل ومعجزات يتقاصر عن الإتيان بمثلها جميع المخلوقات تكون دالة على علمه بذلك. أو بأن يكون ما أنزل عليه ، وألقى إليه يتضمن الإخبار عن الغائبات ، والأمور الخفيّات التى لا يمكن معرفتها لغير الله ـ تعالى وهى واقعة على ما أخبر به.
__________________
/ / أول ل ٧٦ / أ.