أو بأن يخلق الله ـ تعالى ـ له العلم الضرورى بذلك. فإن الله على كل شيء قدير ، وبهذا يندفع ما ذكروه من الشبهة الثانية أيضا.
وعن الثالثة من وجهين : ـ
الوجه الأول : ما المانع أن يكون ما يأتى به معقولا.
قولهم : إنه عبث. عنه جوابان :
الأول : أن ما ذكروه مبنى على وجوب رعاية الحكمة فى أفعال الله ـ تعالى ـ وقد أبطلناه فيما تقدم (١).
الثانى : ما المانع أن تكون الحكمة هى التأكيد بضم الدليل السمعى إلى الدليل العقلى ، كما فى نصب الأدلة المتعددة على مدلول واحد. ومع حصول غرض التأكيد ؛ لا يكون الإرسال عبثا.
الوجه الثانى :
ما المانع أن يكون آتيا بما لا تستقل [العقول] (٢) بإدراكه ؛ بل هى متوقفة فيه على المنقول وذلك كما فى مناهج العبادات / والقضايا الدينيّات ، والخفى مما يضر ومما ينفع من الأفعال والأقوال وغير ذلك مما تتعلق به السعادة ، والشقاوة ، فى الأولى والأخرى ، وتكون نسبة النبي إلى تعريف هذه الأحوال نسبة الطبيب إلى تعريف خواص الأدوية ، والعقاقير التى يتعلق بها ضرر الأبدان ونفعها ، فإن عقول العوام قد لا تستقل بدركها وأن تغفلها عند ما ينبه الطبيب عليها ، وكما لا يمكن الاستغناء عن الطبيب فى تعريف هذه الأمور مع أنه قد يمكن الوصول إليها والوقوف عليها بطول التجربة ؛ لما يفضى إليه من الوقوع فى المهالك والإضرار ؛ لخفاء المسالك المرشدة إليها ؛ فكذلك النبي ؛ بل أولى حيث أنه يعرف ما لا سبيل إلى معرفته إلا من جهة الله ـ تعالى.
وعن الرابعة من ثلاثة أوجه :
الأول : منع تساوى النفوس فى النوعية ، وما المانع من اختلافها. ومع الاختلاف ؛ فلا يلزم الاشتراك بينها فيما ثبت للواحد منها.
__________________
(١) انظر ما سبق فى الجزء الأول ل ١٨٦ / أو ما بعدها ص ١٥١ وما بعدها من الجزء الثانى.
(٢) فى (أ) (القول)