وعن الحادية والثلاثين : ـ
القائلة بانتفاء الغرض عن أفعال الله ـ تعالى ـ أن نقول : ما ذكروه إنما يلزم أن لو قلنا : إن خلق المعجزة على يد النبي معلل لغرض التصديق وليس كذلك ؛ بل خلق المعجزة على يده مع دعوى النبوة والتحدى ، والشروط المعتبرة من قبل دليلا على التصديق ؛ ولا يخفى الفرق بين البابين.
وعن الثانية والثلاثين : ـ
القائلة بغرض أخر أن نقول : قد بينا أن خلق المعجزة على يد المدعى للرسالة بالشروط المعتبرة يوجب العلم الضرورى بالتصديق.
قولهم : يحتمل أن يكون ذلك / الشخص كاذبا والرب ـ تعالى ـ مريدا لضلالنا بذلك ؛ فقد أجاب عنه المعتزلة : (١) بأن إظهار الخارق على أيدى الكذابين وايهام تصديقهم وخلط الصادق بالكاذب (١) وتعذر التمييز بينهما ، وإرادة ضلالنا بذلك مفسدة [للعباد (٢)] وصدهم عن طريق الإرشاد (٣) ؛ وهو قبيح من الله ـ تعالى ـ والقبيح لا يكون صادرا عنه ؛ ولكنه مبنى على فاسد أصولهم فى التحسين والتقبيح الذاتى ووجوب رعاية المصلحة فى فعل الله تعالى وذلك كله مما أبطلناه فى التعديل والتجوير (٤).
وأما أصحابنا فقد اختلفت طرقهم فى الجواب :
فالذى ذهب إليه الشيخ أبو الحسن الأشعرى وجماعة من أصحابه : القول باستحالة إظهار المعجزة على أيدى الكاذب ، وأنه غير معدود من جملة المقدورات لوجهين : ـ
الأول : أن المعجزة دالة على التصديق قطعا على ما أسلفناه ولا بد لها من جهة دلالة وان اختلف فى تعيينها ، فلو أمكن اظهار المعجزة على يد الكاذب : فإما أن تدل على صدقه ، أو لا تدل.
فإن دلت : فقد جعل الكاذب صادقا ؛ وهو محال.
__________________
(١) مكرر فى ب.
(٢) ساقط من (أ)
(٣) فى ب (الرسالة)
(٤) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٧٤ / ب وما بعدها ص ١١٥ وما بعدها من الجزء الثانى.