ولما غدروا فيه عليهالسلام كان نهاية أمر القتال عمن بقي من عسكره ، والتخلص بأنفسهم ونفسه ، فأي موضع سبي هذا وأكثر قصصهم ساقطة عن سيره عليهالسلام.
وأما سائر المغارب فلم يتحقق له عليهالسلام فيها سلطان ولا حروب ، وكذلك الناصرعليهالسلام استظهر غاية الاستظهار ولم يذكر في سيرته جزء من أجزاء كثيرة من حوادث حروبه عليهالسلام ، بل هي ساقطة ذاهبة ، لأنه استولى على اليمن جملة ، ودانت له ملوكه فلم يبق إلى السبي طريق ، وما ذكر من تفصيل هذه الجملة في سيرة الناصر عليهالسلام كلمة واحدة ، فأما يوم نغاش (١) فإنما كان اللقاء بين جيشين مجردين لا حريم معهما ولا نساء ولا قرى ، فلما نصر الله الحق قتلوا مقبلين ومدبرين ، وأجهز على جرحاهم فلم يكن ذلك موضع سبي على هذه الصورة ، ولأن السبي ليس بواجب على الأئمة ، بل لهم أن يسبوا ولهم أن يتركوا ، وإنما كان يتحقق القول وتلزم الحجة على المقلد أنه لو وجد الأئمة عليهمالسلام [قالوا :] (٢) إن الفرق المرتدة المدعية للإسلام متى كانت لها شوكة فلا سبي عليها ، ولا يكون حكم دارها دار الكفر ، فلو وجد ذلك لصح به التعلق وكان القول بغيره خلاف واقع بين الأئمة ، وكان لا يستنكر وكنا نطلب ممن قال بقولهم البرهان على قوله ، ولا نخطيه ولا نضلله ما لم يتضح لنا خلافه للأمة والأئمة عليهمالسلام وهذا بعيد
__________________
(١) نغاش : موضع في جبل عيال يزيد شمالي عمران ، إليه ينسب يوم نغاش بين الإمام الناصر أحمد بن الهادي يحيى بن الحسين الرسي وبين عبد الحميد المنتاب في أول القرن الرابع. ووقعة نغاش هي الوقعة الفاصلة بين الإمام وإخوان القرامطة كما وصفها المؤرخون فإن النصر كان حليف جند الإمام وقتل أكثر جيش عبد الحميد المنتاب. قيل : إن قتلى القرامطة في وقعة نغاش وصل إلى ما يقرب من الخمسة آلاف قتيل.
انظر (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) ٢ / ٧٤٣ ، (الإمام الهادي واليا وفقيها ومجاهدا) ص ٢٣٤.
(٢) سقط من (أ).