غير وان ، ولا مرتقبا خوفا إذا كانت شوكته قوية ، وصحت من كل أصحابه لطاعته النية ، ولا يكون فضا غليظا ينفر عنه الناس ؛ لأن الله تعالى قال لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [البقرة : ١٥٩] ولا يقيم حدا عند ملاقات العدو لئلا تنفر قلوب أصحابه ، فإنه لا يأمن أن يكون لمن قام عليه الحد أسرة وأخدان (١) وأقارب تضعف نياتهم عن صدق المصاع (٢) ، ومكافحة الجلاد ، غضبا لما نزل بصاحبهم أو يخاف مع ذلك على نفسه منهم لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه أمر أن لا تقام الحدود في الحروب وعند مواجهة العدو (٣).
وقال عليهالسلام : ويصير من أصحابه على ما يراه من معاصيهم لله تعالى التي لا يتمكن من تغييرها إذا كانت غير مظاليم الخلق ، فأما إن كانت هي مظالمهم فلا يسعه إلا تغييرها مع القدرة والانحياز عن فاعلها كما روى عنه الحسن بن أحمد أنه عليهالسلام عزم على المهرب إلى البيت وهي بلد (بالاستندارية) كما هرب محمد بن إبراهيم (٤) عليهالسلام لما كثر ظلم أصحابه لأهل (لاولج) بلد بالديلم.
قال الناصر عليهالسلام : فأما المعاصي التي هي غير المظالم فليس عليه جناح منها إذا لم يمكن تغييرها لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) [المائدة : ٤١] فإن هؤلاء قد
__________________
(١) في (أ) : أحداث.
(٢) هكذا في النسخ ويتأمل.
(٣) في (موسوعة أطراف الحديث) ٧ / ١٧٤ ، عن (نصب الراية) ٣ / ٣٤٣ بلفظ : «لا تقام الحدود في دار الحرب».
(٤) محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [١٧٣ ـ ١٩٩ ه] ، كان من أكمل أهل زمانه وأشجعهم ، ثار أيام المأمون العباسي ، وكان بيعته في سنة وفاته ، لم يلبث إلا شهرين ثم مرض أو دسّ إليه السمّ ودفن في الكوفة.
المصادر : (مقاتل الطالبيين) ص ٤٢٤.