الفائدة ، وما يتعلق بما نحن بصدده إلا التشدد على الفاسقين في إمضاء أحكام الله تعالى عليهم عند الإمكان ، والكافرون بذلك أولى عند أهل العلم ، ولو لا قدرتنا ما أمضينا من الأحكام ما أمضينا ، وسائر ما ذكر عليهالسلام مفيد وليس من هذا الباب ، ولكن فيه للمتأمل أنا حملنا نفوسنا في إصلاح ظواهر الأصحاب في حال الضعف ما لم يكن يلزمنا عند أهل العلم طلبا لرضى رب العالمين ، وتقوية لقواعد الدين ؛ ولا يعرف حسن سيرنا العارفون إلا بعد لحوقنا برب العالمين ، يستقبحون ما استحسنوا من الطعن ، ويستحسنون ما استقبحوا من الأعمال ، فإن كان ذلك لا بد من كونه قالوا ما قال علي عليهالسلام :
واثكلها قد ثكلته أروعا |
|
أبيض يحمي السرب أن يفزعا |
وبذلك جرت عادات أهل الأعصار (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٦٢] (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) [فاطر : ٤٣].
وأما ما ذكره صاحب الكتاب ـ أيده الله ـ من مخافة اقتداء الضلال ، فلو ترك العلماء ما يقضي به العلم مخافة إنكار الجهال أو تقبيحهم ، أو اقتداء بهم لضاعت السنن ، واستقبح الحسن ، والعلم حاكم على الجهل ، وليس الجهل بحاكم على العلم.
وأما (الغز) وتركهم لأهل (براقش) (١) فإنما فعلوا ذلك لما جرى بأسباهم في ذمار فخلينا سبيلها ، ونسائهم في (صنعاء) فكذلك ، ونسائهم في (المهجم) ؛ وإلا فقد أخذوا نساء (مذحج) لما طلعوا بلادها ، وصاح صائح سلطانهم : بأن من أرادت
__________________
(١) براقش : بلدة خاربة في ناحية الجوف ، وهي من المدن القديمة التي كانت لملوك حمير ، فيها حصن وبناء عجيب ، وكتابات كثيرة باللغة الحميرية ، وهي مشهورة في كتب التأريخ ، خصوصا تأريخ اليمن قبل الإسلام ، وكثيرا ما يقترن اسمها بمدينة معين.
انظر (معجم بلدان اليمن وقبائلها) ١ / ١٠٦ ، ١٠٧.