فلا يكون أعم مما سبق في مكة حرسها الله تعالى لأنها أرض قبلة أنبياء الله سبحانه ما خلا موسى وعيسى ، ومهبط وحي الله ، وأول بيت وضع في أرض الله ، وأسست على التقوى ، وكل نبي انتقم الله قومه هاجر إليها وعبد الله ومن اتبعه من المؤمنين فيها حتى يلقى الله ، وهي بيت آدم عبد الله ، وإبراهيم خليل الله ، وإسماعيل ذبيح الله ، فلما غلب عليها الكفار كانت دار حرب ودار كفر ، وكون آبائهم على الإسلام لا تبلغ درجة النبوة ؛ فأبناء الأنبياء لما كفروا حكم عليهم بالكفر ، ولم يختلف في الحكم بالكفر على الكافر متى كان بالغا ؛ وإنما اختلف في الصغير إذا نطق بالكفر وتعلق به هل يحكم بردته أم لا؟ فأما الكبير فلا خلاف بين الأمة فضلا عن الأئمة عليهمالسلام في ذلك فقد صار من ذكرنا من هذه الفرق كافرا بالاتفاق من أكابر علماء [أهل] (١) العدل ، وكفره متوارث عن آبائه ، والدار دارهم ، والغلبة لهم ، فهي دار كفر مستبين ، ودار حرب بيقين ، وإنما قدرنا المسائل في الابتداء على أبلغ الوجوه بأن قلنا : إنهم ارتدوا عن الإسلام بما ارتكبوا من الأجرام ، وإلا فكفرهم أصلي ، وشركهم جلي بنص القرآن وتحقيق أئمة علماء [أهل] (٢) الإيمان قال الله تعالى : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) [فصلت : ٦ ، ٧] فسماهم مشركين بمنع الزكاة فهذا اسم منصوص عليه شرعي وهو (٣) عمدة المسلمين في حرب كثير من العرب وسبيهم مع اعترافهم بجملة الإسلام ، إلا أنهم منعوا الزكاة ، وهذا معلوم ضرورة لأهل العلم أن أبا بكر ما حارب إلا أهل الردة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن الردة كانت بأنواع : أحدها منع الصدقة مع الاعتراف بجميع خصال الإيمان ، وقال تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة : ٢٥٤] ، وقال تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
__________________
(١) سقط من (أ).
(٢) سقط من (أ).
(٣) في (ب) : وهي.