وسبهم ، وعيب دينهم ، وكذلك المطرفية إلا بذمة أو جوار ، وربما لا يعصم ذلك من شرهم فهم أقبح حالا من الكفار الأصليين ؛ فإذا كانت لهم شوكة فهي تكون دار حرب بلا إشكال ؛ لأن دار الحرب هي التي تكون الغلبة فيها للكفر ، كما أن دار الإسلام تكون الغلبة فيها للإسلام ، ودار الكفر لا تكون دار كفر بأن تجمع أنواع الكفر ولا [يقل] (١) بذلك قائل ، ودار الإسلام لا تكون دار إسلام بأن تجمع أنواع الإسلام ولا بذلك قائل ؛ فإن المراد الأظهر والأكثر كما قدمنا أصله. فتأمل ذلك تجده كما قلنا بغير زيادة ولا نقصان في المعنى ، لمن تأمله ونظر فيه بعين النصفة ؛ وذلك لأن التحديد بما ذكرناه صحيح لا ينتقض على أصله المجمع عليه في أمر مكة حرسها الله تعالى قبل الفتح ؛ فإن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه [وآله وسلم] كانت فيها ظاهرة ، ويقع فيها الجدال والحجاج على أعيان الملأ ، وكانت الغلبة للكفر وأهله فكانت دار حرب قبل الفتح بلا خلاف مما وجدت في هذه الصورة ، وإن ظهرت فيها الشهادتان فهي دار حرب بلا خلاف وإلا انتقض الأصل وانتقاضه خروج من الدين ، ولم يختلف أحد من أهل العدل الأكابر من الأئمة عليهمالسلام ومن علماء الأمة من الزيدية والمعتزلة أن المجبرة كفار ؛ فأما المشبهة فلا كلام أن كفرهم ثابت بلا نزاع وإنما اختلفوا في تكفير من لا يكفرهم ، أو في تكفير من [لا يكفر] لا يكفرهم ؛ فهذا الذي وقع فيه النزاع لا غير ، وإذا كان ذلك كذلك وقد تقررت هذه الجملة.
قلنا : بأن المجبرة والمطرفية ومن جرى مجراهم كفار أصلا ودارهم دار حرب قطعا وليسوا بالمرتدين ، وإنما نقول : مرتدين تقريبا وتلقينا ؛ لأن المرتد هو من كان مسلما فكفر ، وهؤلاء لم يعرفوا من آبائهم وآباء آبائهم إلا الكفر لقولهم بالجبر والقدر ، والإرجاء والتطريف والتشبيه ؛ فإن كان الإسلام قد عم أرضهم فيما سبق ،
__________________
(١) زيادة في (أ).