ولو قيل للإمام الأول : لا بد أن تحتج على قولك من قول الإمام الذي تقدمك لما التزم ذلك ، ولا العلم يقضي بإلزامه ذلك ، بل يقول : ارجعوا إلى الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، واجتماع العترة والصحابة والأمة ، فإن ذكر شيئا من أقوال الأئمة عليهمالسلام والعلماء رضي الله عنهم فإنما نذكره تقوية وتأنيسا ، وقد رأيت رد كلام محمد بن عبد الله عليهالسلام إلى ما أراد المسترشد أن يمنعنا منه ؛ لأنه احتج بما فعله الصحابة رضي الله عنهم في أهل الردة. وقلنا : أن تكون لهم شوكة ودار ؛ فهل هذا يلزمنا لأنه ذكر عليهالسلام جواز سبيهم بأنه صار لهم تحزب واجتماع ، ودار وامتناع ، وذكر أن الأمر متى صار كذلك كان حكمه (١) حكم الكفار في دار الحرب ، وأجري عليهم ما يجري على أهل الحرب. فهل رأيت أيدك الله كلامنا زاد على كلام محمد بن عبد الله عليهالسلام أو نقص منه ، واحتجاجنا عدل عن منهاج احتجاجه قيد الشعرة ، إنما عمدته عليهالسلام فعل الصحابة رضي الله عنهم ولا شك أنها حجة قاطعة عن جميع أقوال أهل العلم ؛ لأنه لم يشذ من الأئمة من الاحتجاج بالإجماع إلا الإمامية ، فعندهم أن الحجة بالإمام المعصوم.
وقوله : فهذا الإمام المعصوم بل الأئمة المعصومون عليهمالسلام علي وولداه عليهمالسلام فعلوا ذلك كما ذكرنا من أخذ علي لخولة وأم حبيب من السبي ، ولا خلاف بين سائر الأمة في وجوب حرب المرتدين وإجراء حكم الكفار عليهم ، وكون أرضهم التي غلبوا عليها دار حرب ، وقتل المقاتلة ، وسبي الذرية ، والغزو ليلا ونهارا ، وسرا وجهارا ، ولا نجدد إليهم دعوة وذلك متى تحزبوا وكانت لهم شوكة كما قلنا ، ولا عمدة للكل إلا إجماع المسلمين على حرب أهل الردة وقتلهم وسبي ذراريهم ، وما خالف في ذلك إلا الإمامية كما قدمنا ولا سلف لهم ولا ثقة بشيء من رواياتهم ؛
__________________
(١) في (أ) : حكمهم.