ولا يمكن لهم من الاحتراز من رطوباتهم ، وهم يرون تنجيسها بشركهم (١) ؛ فأثبتوا فيهم أحكام المشركين وبعضهم ، بل أكثرهم على ما نقل لنا من الثقات عنهم ، ورأينا منهم لا يستنفعون بالزعفران ، ولا يأكلون طبيخا هو فيه ـ لكون الزعفران من بلاد المجبرة ـ ولا بد من ترطيبهم له عند جناته من أشجاره ، وهذا ظاهر فيهم ، معلوم لنا من أحوالهم ، وما ذلك إلا لتكفيرهم لهذه الفرق المذكورة ، وإجرائهم لأحكام الكفار عليهم ، وهم متفقون على الرواية عن هؤلاء الأئمة عليهمالسلام أن حكم المجبرة حكم الحربيين ، ويرون اختلاف هؤلاء الأئمة عليهمالسلام في المسائل ، ولا يرون بينهم اختلافا في أن دار المجبرة دار حرب ، وأحوال الأئمة عليهالسلام لنا معلومة من لدن أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله الطيبين فلم نعلم أحدا منهم تمكن تمكنا يتمكن معه من إجراء أحكام رب العالمين على أعدائه الكافرين ، بل يحاول توطيد الأمر لتنفيذ الأحكام ، فتحول العوائق بينه وبين المرام فالحمد لله رب العالمين.
أتم ظهور كان لأهل هذا البيت ظهور محمد بن إبراهيم عليهالسلام في الكوفة ، فإن في دعوته استظهر أهل هذا البيت المطهرين عليهم سلام رب العالمين على الكوفة والبصرة وواسط والأهواز وكرمان وفارس والحجاز واليمن والمدائن ، وصارت بغداد في حكم الحصر وطمع الأولياء بالظهور والنصر ، وقتل من الجنود العباسية مائتي ألف قتيل فمات عليهالسلام لشهرين من قيامه ، وقيل : لأربعين يوما ، وعلى الجملة لم تطل أيامه عليهالسلام.
وفيه عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : يا أهل الكوفة ، يخطب على منابركم هذه وأعوادكم هذه سنة تسع وتسعين ومائة لرجل منا أهل البيت يباهي الله به كرام الملائكة ؛ فكان عليهالسلام فلم يقع تمكن يبلغ به المراد وتخمد فيه نار أهل
__________________
(١) في (ب) : لشركهم.