والوجه الثالث : الفرق بين الفعلين حتى لا يشبه فعل القديم بفعل المخلوقين ، فمن شبه بين الصفتين أو مثل بين الفعلين ، فقد جمع بين الذاتين ، وخرج إلى الشك والشرك بالله ، وبرئ من التوحيد والإيمان ، وحكمه في ذلك حكم من أشرك واعتقد ذلك ، وافترى فشك ؛ فهذا كما ترى تصريح بكفر المجبرة والمشبهة وشركهم وبراءتهم من الإيمان والتوحيد ، كما ترى حكمهم عند أئمة الهدى عليهمالسلام وإن لم يعللوا الفتاوي ويطولوا في أمرها ، وكلام الهادي عليهالسلام نحو ذلك ، وكلام الناصر عليهالسلام أشد من ذلك.
وقد قدمنا جملة كلام أهل العدل والتوحيد من الزيدية والمعتزلة ولم نعنى بالتطويل به لكونه معلوما موجودا ، وضرورة علم ذلك لأهل المعرفة من أهل الاعتقادات الصحيحة والعدل والتوحيد كثر الله جماعتهم ، وقوى جندهم ، ولسنا نتمكن من حصر إطلاقات هؤلاء الأئمة الثلاثة عليهمالسلام في كتبهم بتكفير المجبرة والمشبهة والقدرية والقضاء بشركهم تصريحا ـ أعني القاسم بن إبراهيم ، وابن ابنه الهادي يحيى بن الحسين ، والناصر الأطروش عليهمالسلام ـ وأما الإشارات والتخريجات من كلامهم فمما لا يتحد ، ولو لا ذلك لما خرجت أحكام أشياعهم رضي الله عنهم أجمعين تسبي فرق الجبر ، والقدر ، والتشبيه ، والإلحاد ، من يوم دخلهم الإسلام إلى يومنا هذا بالجيل والديلم ، وهم أهل التفتيش والضبط لعلوم الأئمةعليهمالسلام وما نعلم أن لأحد من أشياعنا مثل ضبطهم ، وحفظهم ، وتحقيقهم ، وتدقيقهم، في علوم آبائنا عليهمالسلام ولم تزل أيديهم ظاهرة على جميع الفرق الضالة ، والسبي منهم مستمرا ، والغزو عليهم دائما ، واليد لهم إلى ثلاثة أعصار إلى يومنا هذا من سنة ستين وخمسمائة ، وكلبت عليهم جنود الجبر والإلحاد أخزاهم الله تعالى فغزوا الإخوان وسبوهم ، وتفرقت كلمة السادة والشيعة فطمع فيهم عدوهم ، ومنهم من امتنع من الحج ، وقضى علماؤهم بسقوط فرض الحج عنهم ، لكون مرورهم على بلاد المجبرة ،