من يجدد لها دينها» (١) وقد ثبت بإجماع علماء الأمة أن صدقة الحبوب والتمر والزبيب يجب صرفها إلى الإمام ، وكذلك واجبات المواشي ، وعلم ذلك من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة أن الواجب صرفه إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن ما كان له في أيامه كان للإمام القائم مقامه من بعده ؛ لأن الله تعالى جمع لنبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمامة مع النبوة ، ولم يكن ذلك لأكثر الأنبياء ، وإنما كان لهم النبوة دون الإمامة ، وقد ثبت أن أكثر هؤلاء المعتقدين لإمامة صاحب بغداد لا يحملون إليه الحقوق ، وبعض الناس لا يراه أهلا لذلك ، فإذا لم يسلمها إلينا استحلالا لتأخيرها كان كافرا بذلك ، وإنما أردنا نبين لك تأكيد الأدلة وتظاهرها على كفر الأكثر من الأمة بالبرهان الجلي ، فتأمل ذلك بعين الفكرة لتنجو من الحيرة والحسرة ، فأكثر الخلق إنما أتي من إهمال النظر ، وجهل الأثر ، والاعتراض على الأئمة والعلماء ، ودعواهم لأنفسهم مع رفض أصول العلم.
وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال في أهل بيته عليهمالسلام : «قدموهم ولا تقدموهم ، وتعلموا منهم ولا تعلموهم ، ولا تخالفوهم فتضلوا ، ولا تشتموهم فتكفروا» والمعلوم أن من لا يعتقد إمامة قائم العترة يشتمه ؛ لأن عنده أنه ادعى ما لا صحة له ولا حقيقة ، فأما أئمة الضلال من الأموية والعباسية ، فأطلقوا العطايا السنية ، والأقطاع الواسعة ، والمواهب الجزلة لمن سب الذرية ، وأمروا المتشدقين بخطب العدوان بغشيان المواسم للطعن على الذرية الهادية المهدية.
من ذلك أن أبا جعفر المسمى بالمنصور لما قتل محمدا وإبراهيم ابني عبد الله بن
__________________
(١) الحديث أخرجه أبو داود برقم (٤٢٩١) ، والحاكم في (المستدرك) ٤ / ٥٢٢ ، كما في (موسوعة أطراف الحديث النبوي) ٣ / ٢١١ ، وعزته أيضا إلى (كنز العمال) برقم (٣٤٦٢٣) ، و (مشكاة المصابيح) برقم (٢٤٧) ، و (جمع الجوامع) برقم (٥١٦٩) ، وهو في (مناقب الشافعي) للبيهقي ١ / ٥٥ ، (فتح الباري) ١٣ / ٢٩٥ ، و (الدر المنثور) ١ / ٣٢١ ، صحيحة الألباني ٥٩٩ ، (كشف الخفاء) ١ / ٢٨٢ ، و (البداية والنهاية) ٦ / ٢٨٩ ، ٩ / ٢٠٦ ، ١٠ / ٢٥٣ ، وغيرها.