فانظر إلى هذا الشاعر مع إصابته في اللفظ ، وتبريزه في الفصاحة ، كيف خلط في المعنى تخليطا لا يغبى على أحكام أهل المعرفة بإحكام القول ، تبناها عنده هتوف ؛ وهو دلالة الواحد إذ هي طروب وهو دلالة الفرح ، وبينا هي نائحة إذ هي مغنية ؛ والنوح والغناء لا يجتمعان ، فتفكر في هذه المعان ، طلب المسترشد الإرشاد ، وضرب علينا الأسداد ، وقد كفى من تقدمنا وتقدمه من آبائنا عليهمالسلام بالإشارة ، وفصلوا معنى العبارة المحققة والمستعارة ، فخرجوا منها علوما جمة ، وهدوا بها ضلال الأمة ، واستعانوا بها على كل مهمة ، وكشفوا بها كل غمة ، ونحن عملنا في مسألة واحدة ، رسالة حاشدة ، وسميناها (الرسالة الهادية بالأدلة البادية) ، وإنما قلنا ذلك لظهور أدلتها ، وقوة علتها ، وكنا قد قدمنا على الحادية ، وهي عند طالب الإرشاد لأبيه ، ليست أدلتها مسروقة ، ولا مناهلها مكدرة مطروقة ، يشهد لمنشئها بالمعرفة الجامعة ، والرواية الواسعة ، مبسوطة بالإسناد ، مؤيدا بالاستشهاد ، فلما تكرر السؤال من الأصحاب ، وحق كل محب أن يجاب ، أنشأنا هذه الرسالة وسميناها (بالدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة) على أشغال تبلبل البال الساكن ، وتلحق المقيم بالظاعن ، ثم لمن نتمكن فيها من البسط ، وإن كان فيها والحمد لله ما يغني عن الرحل والحط ، اعتراض البرق يدل على الحياء ، وإن تعذرت مشاهدة الرباب ، وقد قيل : إن السبع المثاني هي أم الكتاب ، فليتدبرها الإخوان بعين الإنصاف ، فلعلها ـ إن شاء الله تعالى ـ تنزل منزلة الألطاف ، وتعرف المسترشدين ما عرف أهل الأعراف ، فيكون ما فيها كاف شاف ، ومن الله نستمد التوفيق والعون بالله ، وصلى الله على محمد وآله وسلامه.
تمت الرسالة الموسومة (بالدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة)
والحمد لله على كل حال
وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله خير آل.
* * *